بمال ، أو على قطع المنازعة ، فاليمين حقّ للمدّعي ، يصحّ الصلح لإسقاطه. ومن هذا قوّى صحّته ـ مطلقا ـ في المسالك (١) ، واحتمله في جامع المقاصد (٢).
ويندفع الأوّل : بأنّ شرعية الصلح ، أوجبت صحّته الظاهرية ، عند عدم تعيّن المبطل. والثاني : بأنّ حقّ الدعوى وحقّ اليمين ، من الحقوق الظاهرية ، فلا ينافي وقوع الصلح على إسقاطه الفساد باطنا ، ولذا لو انكشف الحال بعد الصلح بإقرار ونحوه ، يحكم بفساد الصلح ظاهرا أيضا. ولا يتوهّم ذلك في الصلح ، في صورة الإقرار ، إذا انكشف أحد العوضين مستحقا ، كما في البيع ونحوه في المفروض ، لتسليم الفساد الواقعي فيه أيضا.
نعم ، في صورة التعمّد بالدعوى الكاذبة ، كما هي الغالب في الصلح الإنكاري ، لا يحلّ التصرّف للمدّعي عند نفسه ، فيما بينه وبين الله أيضا ، وإن جرى على الصحّة في ظاهر الحال ، بخلاف صورة خروج العوض مستحقّا ، مع جهل المتعاقدين.
ولعلّ هذا هو مقصودهم في المقام من الباطن في مقابل الظاهر دون الواقع.
ومنها : أنّه يصحّ الصلح عن عين بعين أو بمنفعة أو عن منفعة كذلك ، وعن الحقوق ، كحقّ الحيازة ، وحقّ التحجير ، وحقّ الشفعة ، بحقّ مثله أو بعين أو منفعة.
كلّ ذلك بالإجماع والعمومات ، لصدق عقد الصلح على ما يفيد إنشاء ما توافقا عليه من الأمور المذكورة.
ومنها : أنّه يصحّ مع العوض ، فيكون عقد معاوضة ، وبدونه ، كما عرفت من قول الشيخ : من صحّة قيامه مقام الهبة والعارية ، لصدق معنى الصلح على المجرّد عن العوض ، حسب ما ذكر ، فيشمله العمومات.
__________________
(١) مسالك الأفهام ٤ : ٢٦٢.
(٢) جامع المقاصد ٥ : ٤٣٧.