إذا علم حدوث عقد مردّد في كونه إجارة بعشرة أو بيعا بمائة ، فإنّه بعد تعارض استصحابي عدم كلّ منهما ، يرجع إلى استصحاب عدم اشتغال ذمّة المتعاقدين له بالزائد عن العشرة لعدم العلم بموجبه.
ففيما نحن فيه نقول : إذا تناول أحد المشتبهين ، وإن لم نحكم بعدم تناول الخمر ، نظرا إلى معارضته لاستصحاب عدم تناول الخلّ ، إلّا أنّه يستصحب عدم حصول العصيان وعدم حدوث استحقاق العقاب ، وتلازمه للخلّ إنّما هو بحسب الوجود الواقعي لا الظاهري الاستصحابي ، فلا يستلزم الحكم بعدم العصيان الحكم بكونه خلّا.
ومن فروع ذلك في المقام أمور كثيرة هي معاقد الإجماع ـ ظاهرا ـ عند القائلين بالاجتناب عن الجميع ، فلا يحكم بوجوب الحدّ لشرب أحد المشتبهين في المثال المذكور ، ولا باشتغال الذمة بحق الغير إذا اشتبه ماله بمال الغير فأتلف أحدهما.
ومنها ما إذا لاقى أحد المشتبهين بالنجاسة شيئا ثالثا ، فمقتضى التحقيق : عدم تنجس الملاقي ولو على البناء على وجوب الاجتناب عنهما. صرّح به بعض القائلين به ، كما هو ظاهر غيرهم.
وبهذا يظهر الفرق بين الاجتناب عن النجس الاستصحابي المنجّس للملاقي إجماعا ، والاجتناب عن أحد المشتبهين في الشبهة المحصورة ، فإنّ الأوّل من جهة الحكم بالنجاسة شرعا ، فيترتّب عليها آثارها ، والثاني من باب المقدمة ، وسنبيّنه على مزيد بيان في ذلك.
وبالجملة نظر القوم في الشبهة المحصورة تحريما وجوازا ، من جهة نفس المشتبه من حيث كونه مشتبها ، مع قطع النظر عن الآثار الخارجة ، فإنّها موكولة إلى ما يقتضيه الأصل باعتبار نفس الآثار.