والإباحة هنا دليل الملك ، إذ المالك إنما أباحه بقصد الملك ، فلو لم يحصل الملك لم يبق الجواز.
واحتمال كونها معاملة مستقلّة يدفعه الأصل ، كما ستعلم ، مضافا إلى عدم قصده المتعاطي ، بل المعلوم من أحوال الناس في المعاملات المتداولة بينهم على سبيل المعاطاة في الأسواق وغيرها قصدهم التمليك على جهة المبايعة.
ومن هذا يظهر وجه آخر ، وهو أنّ الصيغة لو كانت شرط الصحّة شرعا كانت تلك المعاملات المعاطاتية بيوعا فاسدة غير مجوّزة للتصرف ، لعدم كون الصيغة دخيلا في تحقّق المسمى اللغوي ، كما تبين ، ولا له حقيقة شرعية ، وكونها كذلك غير منقول من أحد من العلماء كما مرّ.
ورابعها : أنّه لو لم تفد المعاطاة الملك مع ما فيها من الشيوع واشتهار العمل على الملك بما لا مزيد له في جميع الأعصار والأمصار قديما وحديثا لوجب صدور المنع عنه من الأئمة ، بل تكرّره وتوافره ، ولو صدر لوصل إلينا ، لتوفر الدواعي ، فعدمه دليل العدم ، بل الثابت منهم بتقريرهم المعلوم لنا قطعا خلافه.
وخامسها : أنّه لو كانت المعاطاة للإباحة المحضة دون الملك لما اشترط فيها تعيين المبتاع ، كما في الإباحة المجّانية ، مثل نثار العرس ، والظاهر أنّهم لا يقولون به ، ويؤيّد المطلوب بل لا يبعد جعله دليلا اتفاقهم على اللزوم بعد التصرف المتلف ، لاستبعاد كون تلف المال مملّكا للعوض المسمّى ، خصوصا مع حصرهم النواقل المملّكة فيما ليس هو منه.
وأمّا الثاني ، أي اشتراط الصيغة في اللزوم ، فلوجهين :
أحدهما : ظهور الإجماع المعتضد بسيرة الأصحاب في المحافظة على ذكر الصيغ الخاصّة وضبط ألفاظها والمداقة فيها واهتمامهم في ذكر الخلاف في