ويدلّ عليه صحيح صفار (١) ، في رجل له قطاع من أرضين ، وعرف حدود القرية ، فقال للشهود : اشهدوا أنّى قد بعت من فلان جميع القرية ، وإنّما له بعض هذه القرية ، وقد أقرّ له بكلّها ، فوقّع عليهالسلام : لا يجوز بيع ما لا يملك ، وقد وجب الشراء على البائع على ما يملك ، الدال على صحّة البيع فيما يملك ، ولو بعموم ترك الاستفصال.
وأمّا في سائر العقود ، فلم أر من تعرّض بقول صريح يشمل الجميع ، وإن تعرّضوا لبعض ، كوقف ما يملك وما لا يملك ، ويظهر من الأكثر الحكم بالصحة فيه ، ولعلّ مأخذه يعمّ الجميع ، وكيف كان فلنبيّن ما يقتضيه الأصل وعموم الدليل على وجه كلي ينضبط به حكم التبعّض في جميع العقود.
فنقول : العقد إمّا يكون مما لا يقبل أثره التجزّي ، كالنكاح والطلاق ، فلا تبعيض ، أو يقبل التجزّي ، بأن يتعلق أثره بكلّ جزء من المتعلّق ، كالبيع والصلح والهبة والإجارة وأمثالها ، حيث إنّ الانتقال بها يتعلّق بكلّ جزء من متعلقاتها ، فمقتضى النظر الدقيق فيه عدم استلزام فساد بعضه فساد الآخر ، لوجود مقتضى الصحّة وعدم المانع. أمّا الأوّل ، فلدلالة عموم دليل شرعية المعاملة عليه ، كقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) و ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٣) و ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٤) و « كلّ صلح جائز » (٥) و « الوقوف بحسب ما يوقفها أهلها » (٦) ، وغير ذلك ، لصدق معنى المعاملة على كلّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٣٣٩ ، الباب ٢ من أبواب عقد البيع ، الرواية ٢٢٧٠٤.
(٢) المائدة (٥) : ١.
(٣) النساء (٤) : ٢٩.
(٤) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٥) وسائل الشيعة ١٨ : ٤٤٣ ، الباب ٣ من أبواب الصلح ، الرواية ٢٤٠١١ و ٢٤٠١٠ ؛ « الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا ».
(٦) نفس المصدر ١٩ : ١٧٥ ، الباب ٢ من أبواب الوقوف والصدقات ، الرواية ٢٤٣٨٧.