نعم ، الظاهر ثبوت الحرمة من تراكم الجميع في غير الفضائل ، والقرآن ، والمراثي ، ونحوها ، مما يذكّر الآخرة ، ويرغّب في الخيرات مطلقا ، وإن لم يقترن بمحرّم خارجي ، ولم يكن تكلّما بالأكاذيب والأباطيل. وأما فيها فلا ، سيما مع معارضة أدلّة الحرمة ، مع ما رواه الحميري في قرب الإسناد ـ الذي نفى البعد في الكفاية عن إلحاقه بالصحيح ـ عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه ، قال : سألته عن الغناء ، هل يصلح بالفطر والأضحى والنوح؟ قال : « لا بأس ، ما لم يعص به » (١) وما دلّ على جوازه في بعض المستثنيات ، كما سننبّه عليه.
وأمّا الكلام في حرمة ما استثنى من الغناء ، فتفصيله : أنّ ما وقع الخلاف في استثنائه أمور :
منها : غناء المرأة في زفّ العرائس. والحقّ جوازه للأصل ، والصحيح المتقدّم في حلّية أجر المغنية التي تزفّ العرائس ، والخبرين : أحدهما عن كسب المغنّيات.
فقال : « التي يدخل عليهنّ الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ، ليس به بأس » (٢) والآخرة : « المغنّية التي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها » (٣).
والإيراد عليها بالمعارضة بإطلاق أدلّة الحرمة ، ونفي الملازمة بين الإباحة وثبوت الأجرة ، مدفوع ، بتخصيص الإطلاق بتلك الأخبار المشتملة على الصحيح وغيره ، والملازمة ثابتة بعدم القول بالفرق مع أنّ المنفيّ عنه البأس في الأخيرين ، نفس الكسب ، وهو عين المدّعى.
__________________
(١) قرب الإسناد : ٢٩٤ ، ح ١١٥٨.
(٢) التهذيب ٦ : ٣٥٨ ، الحديث ١٠٢٤ ؛ وسائل الشيعة ١٧ : ١٢٠ ، الباب ١٥ من أبواب ما يكتسب به ، الرواية ٢٢١٤٤.
(٣) التهذيب ٦ : ٣٥٧ ، الحديث ١٠٢٣ : وسائل الشيعة : نفس الموضع.