ومن ظهور التعليل في الصحيحة بأن ذلك رضى منه في تقييد إطلاق الحكم بما دلّ عليه ، كما في قوله : لا تأكل الرمان لأنّه حامض ، نظرا إلى بعد كونه من باب إبداء الحكمة التي لا يجب فيها الاطّراد ، بل ظهوره في العلّية المتعيّنة (١) ، فيفيد إناطة السقوط بما يدلّ على الالتزام.
ومن حمل التعليل على الدلالة الذاتية النوعية ، أي : لو خلى وطبعه ، وإن لم يدلّ في شخص المقام ، حذرا عن مخالفة معاقد الإجماع وعموم الأمثلة المذكورة في النصوص وكلمات القوم ، فلا يشترط الدلالة على الالتزام الفعليّ ، إلّا أنّه يجب التقييد بما لا يدلّ دليل على وقوع التصرف بغير الرضا باللزوم ، بل لاختبار ونحوه ، كما سمعته ممن أشرنا إليه ، نظير حمل الألفاظ على معانيها الحقيقة الظاهرة فيها لو خلّيت وطبعها ، فلا يصرف عنها إلّا بدليل.
وعليه حمل قولهم بسقوط الخيار بما أحدث حدثا يدلّ على الرضا ، كما صرّح به كثير من الفحول ، نظرا إلى عدم اقتضاء أكثر الأمثلة التي ذكرها هؤلاء الأعلام في المقام العلم بالرضا الفعليّ ، فيكون المعتبر عندهم الدلالة النوعية على الرضا.
والأقرب عندي ، القول الأوّل الموافق لإطلاق كلام الأكثر ، وسقوط الخيار بمطلق التصرف الغير المجوّز لغير المالك ، كما هو صريح النصّ ، إلّا ما تعارف للاختبار في مقام المساومة قبل العقد الذي يشهد الحال برضى البائع به ، لعموم النصوص وإطلاق الحديث. ولا ينافيه التعليل ، سيما بملاحظة التمثيل فيه بالتصرّفات الغير الدالّة على الالتزام بوجه ، بل غايتها الدلالة على التملك الأعمّ من اللزوم ، فإنّ التنافي مبنيّ على جعل متعلّق الرضا اللزوم ، ولا دليل عليه ، بل إناطة الحكم فيه بمطلق الحدث وتفسيره المذكورات يشهد بخلافه ، فالظاهر كون متعلّق
__________________
(١) في الأصل كلمة يمكن أن تقرأ هكذا.