ومن هذا يظهر صحّة بيع صاع حنطة معيّنة مردّدة بين كونها من إحدى القريتين مع عدم اختلافهما في الوصف والقيمة. نعم ، إذا كان المبيع المعيّن مردّدا بين جنسين مختلفين وإن تساويا في القيمة ، كحنطة وحمص أو دهن وعسل ، فيشكل الحكم بالصحة ، لحصول الغرر ، لعدم انحصار الخطر في اختلاف القيمة ، بل يحصل ـ أيضا ـ باختلاف النوع والصنف وصفاتهما المقصودة باختلاف الأغراض والأعراض.
وبالجملة : لا إشكال في اشتراط الجهل والخطر في حصول الغرر ، وإنّما يجب التنبيه على تفصيله في أمور :
الأوّل : في متعلّق الجهل
والظاهر أنّه يعمّ الجهل بوجوده ، كبيع الغائب المتردّد في وجوده وبيع الحمل ، أو بحصوله في يد من انتقل إليه ، كالآبق والضال والمجحود والمغصوب ، أو بصفاته كمّا وكيفا ، لصدق الغرر في جميع ذلك.
وربما يحكى عن بعضهم اختصاصه بالجهل بصفات المبيع ومقداره ، لا مطلق الخطر الشامل له في تسليمه ، لحصوله في بيع كلّ غائب ، بل هو أوضح في بيع الثمار والزرع ونحوهما.
ويضعّف : بأن تقييد الخطر في كلام أهل اللغة بما ذكر ، مع أنّ الخطر أظهر بالنسبة إلى عدم الحصول مما لا وجه له ، سيما مع اشتهار التمثيل ببيع الطير في الهواء والسمك في الماء ، وخصوصا مع شيوع استدلال الخاصّة والعامّة باشتراط القدرة على التسليم بنفي الغرر كما عرفت.
وعن الشهيد في قواعده (١) عكس ذلك ، فخصّه بمجهول الحصول دون مجهول
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ١٣٧ ، القاعدة ١٩٩ ؛ غاية المراد في شرح الإرشاد ٤ : ٣١.