قال بعض الأجلّة : والظاهر أن المسألة إجماعية ، ويشعر بالإجماع ما في التذكرة ، حيث قال : لو قال : صالحني بنصف دينك عليّ ، أو بنصف دارك هذا ، فيقول : صالحتك بذلك ، صحّ عندنا ، وهو قول أكثر الشافعية ، ثم قال : وإنّما يقتضي لفظ الصلح المعاوضة ، إذا كان هناك عوض ، وأمّا مع عدمه فلا. وإنّما معنى الصلح الرضا والاتفاق ، وقد يصلح من غير عوض. انتهى.
ولا ينافيه الاتفاق على بطلان الصلح المعوّض ، إذا بان أحد العوضين مستحقا الظاهر في كون العوض من أركان الصلح ، ولذا لا يفسد النكاح بفساد المهر ، نظرا إلى عدم كونه ركنا له ، إذ غايته كون العوض ركنا للصلح الواقع بقصد المعاوضة ، ولا يقتضي ذلك كونه ركنا لمطلق الصلح. وأما النكاح ، فليس المهر ركنا له مطلقا ، ولذا يصحّ بدون ذكره ، ويرجع إلى مهر المثل.
ومن هذا صلح الدين على بعضه أو العين كذلك ، ويسمّى صلح الحطيطة ، بأن يقال : صالحتك نصف ديني على أن تعطيني نصفه ، أو صالحتك داري على نصفها.
ومنها : أنّه يصحّ الصلح مع جهالة العوضين ، بلا خلاف فيه في الجملة ، بل عن المسالك (١) وغيره : الإجماع عليه لإطلاق الأدلّة ، وخصوص الصحيح ، في رجلين كان لكلّ واحد طعام عند صاحبه ، لا يدري كلّ واحد منهما كم له عند صاحبه ، فقال كلّ واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ، ولي ما عندي. فقال : « لا بأس بذلك إذا تراضيا ، وطابت به أنفسهما » (٢) وفي معناه غيره.
__________________
(١) مسالك الأفهام ٤ : ٢٦٣.
(٢) الكافي ٥ : ٢٥٨ ، الحديث ٢ ؛ الفقيه ٣ : ٢١ ، الحديث ٥٣ ؛ التهذيب ٦ : ٢٠٦ ، الحديث ٤٠٧ ؛ وسائل الشيعة ١٨ : ٤٤٥ ، الباب ٥ من أبواب أحكام الصلح ، الرواية ٢٤٠١٣ ؛ وفي المصادر : « به » محذوف.