الكلام ثمة في أمر لفظيّ هو اقتضاء القضية الشرطية استمرار السببية وعدمه ، والحقّ فيه اقتضاؤها الاستمرار ، إذا كانت الأدوات مما يقتضي العموم والدوام ، نحو مهما وأنّى وحيثما وكيفما وأشباهها ، وعدمه إذا كانت من أداة الإهمال نحو إن ولو وإذا وما في معناه من الأسماء المتضمّنة لمعنى الشرط ، نحو من وما وغيرهما.
وأما هنا ، ففيما علم استمرار السببية إن كان واحدا ، وتعدّد السبب إن كان مختلفا.
وكذا الخلاف فيما لم يتخلّل المسبّب بين السببين ، وإلّا فعدم التداخل اتفاقيّ ، كما إذا وقع الكلب في البئر ، فنزح ، ثم وقع فيه ثانيا.
وكذا الظاهر : اختصاص الخلاف بما كان المسبّب فعل المكلّف ، كالكفارات والأغسال والمنزوحات ونحوها لا من قبيل الأوصاف الشرعية ، كالزوجية والملكية والرقّية والطهارة والنجاسة وأمثالها ، فإنّه إذا حصل مثل ذلك بسبب ، يمتنع تأثير السبب اللّاحق فيه ، فإذا تملك بالبيع مثلا ، لا يملك بالصلح ثانيا ، بل يكون اللاحق لاغيا.
فالمسبّب هو الوصف عن عدمه لا عن وجوده ، فإنّ البول ينجّس الطاهر لا المتنجّس ، كما أنّ الغسل يطهر النجس لا الطاهر. فالسببية ـ حينئذ ـ يتبعه شرعا ، ولا هكذا الفعل ، كما سننبّه عليه.
وإذا علمت ذلك ، فقد استدلّ على التداخل بالأصل والبراءة عن الإتيان بفعل المسبّب ثانيا. وفيه : أنّ الأصل قد يقتضي التكرّر ، كما إذا كان وجوب المسبّب لرفع أمر واقع ، كما في المنزوحات ، على القول بكونها لتطهير البئر ، فالدليل أخصّ من المدّعى ، مع أنّ الأصل لا يقاوم الدليل ، والخصم مستظهر به.