وقع الكرّ تدريجا على الماء القليل المتنجّس ، فشكّ في حصول الطهارة للثاني أو النجاسة للأوّل ، نظرا إلى الخلاف في اشتراط الدفعة العرفية ، فإنّ طهارة الكرّ التي هي مقتضى استصحابها ، يزيل بعد اتصال المائين نجاسة القليل التي هي مقتضى الاستصحاب المعارض ، وبالعكس ، أو بالتلازم من غير سببية من الجانبين. فوجوه التعارض ثلاثة :
أمّا على الأوّل ، فالاستصحابان إمّا حكميان ، أي : متعلقهما أمر شرعيّ كالمثال المتقدّم ، أو أحدهما حكميّ والآخر موضوعيّ ، كما في الذبابة القذرة الرطبة التي طارت على الثوب الطاهر ، إذا شكّ في جفافها حين الملاقاة ، فيعارض ـ حينئذ ـ استصحاب الرطوبة مع استصحاب الطهارة ، والصيد المجروح إذا وقع في الماء القليل ، وعلم موته ، ولم يعلم أنّه قبل الوقوع ، فكان مستندا إلى الجرح ، أو بعده فمستند إلى الماء. ومنه استصحاب عدم التذكية ، واستصحاب الطهارة في الجلد المطروح ، لو قلنا بجريان استصحاب الطهارة.
نسب إلى بعض الفضلاء القول بالعمل بالاستصحابين في الصورتين. ويظهر من الفاضل القمّي ، ذلك في الصورة الثانية ساكتا عن الأوّل ، وعن بعضهم التوقف فيها.
وعن آخر دعوى الإجماع على العمل بالموضوعيّ.
واختار والدي العلّامة تقديم استصحاب الملزوم مطلقا ، وعبّر عنه باستصحاب المزيل ، ووافقه جمع من المحقّقين. وهو مقتضى التحقيق ، لوجوه :
الأوّل : ما سمعت من ثبوت اللوازم والمسبّبات باستصحاب الملزوم دون العكس ، فيكون استصحابه دليلا شرعيا على خلاف مقتضى الآخر. ومعه لا يجري فيه الاستصحاب ، لانتقاضه باليقين الشرعي. ولا ينعكس لعدم ثبوت الملزوم باستصحاب اللازم ، فلا ينتقض به.