ويظهر الثمرة في رجوع المالك عن نية الخروج قبل تملّك الغير ، ولو بشهادة الحال ، كما إذا اتفق اجتماع الحبوب بهبوب الرياح ونحوه ، حتى صارت كثيرة لا يتسامح عنها عادة ، أو ارتفع اليأس عنه وحصل الرجاء قبل أخذه الغير ، كما إذا أخرجه البحر.
وأما في الثاني : ففي الصورة الأولى ، أعني : الإعراض اختيارا ، فالظاهر : التفصيل بين الأشياء الحقيرة التي يتسامح بها الملّاك عادة ، ولو لتوقف ماليتها على مشقّة لا يتحمل في مثلها غالبا ، أو لجريان العادة عليه ، كالحبوب المتشتة الملقاة في الأرض عند الحصاد ، وجلّات البعير والأغنام في المفاوز ، والحشيشات وقشور الفواكه والجوزات في الشوارع ومن ذلك البعير التي كلّت من جهد في فلاة في غير كلاء ولا ماء ، وأمثال هذه ، فيتملكها الآخذ ، وبين الأموال العظيمة ، فلا يتملك بأخذ الغير ، لاستمرار السيرة القطعية في الأمصار والأعصار في الأوّل على كونه ملكا لآخذه ، مضافا إلى ظاهر التعليل في صحيح ابن سنان ، دون الثاني ، فنقتصر في الحكم المخالف للأصل على مورد الدليل.
وهل يلزم العلم بإعراض المالك وإباحته لمن يتملك؟
لا شكّ في عدم اشتراط التلفظ به منه ، بل ولا الالتفات والشعور به ولا بالمعرض عنه ، بل يكفي شاهد الحال المعلوم بالسيرة العادية ، فلا يتوقف إباحته على إنشاء لفظي ولا فعلي ، بل لنا أن نقول : بعدم اشتراط العلم برضى المالك ما لم يعلم عدمه ، اكتفاء بحكم السيرة بالشهادة الحالية النوعية في عموم الحكم ، وإن فقدت الشهادة الشخصية في مورد مشخّص لمانع ، فإنّ اكتفاء الشارع في عموم الحكم في خصوص الأشخاص بما يقتضيه النوع ـ مع قطع النظر عن العوارض الشخصية المانعة عند عدم العلم بها ـ غير عزيز ، بل كثير في الأحكام الشرعية ،