وأجاب عنه بما حاصله : أنّ الاستصحاب بين المتعارضين إذا كانا في مرتبة واحدة من غير سببية أحد المستصحبين لخلاف (١) الآخر ، يتساقطان ويرجع في الأحكام والمسببات في كلّ منهما بما يقتضيه الأصل والاستصحاب في أنفسهما ، ففي المورد يتعارض أصلا الطهارة في الملاقي ـ بالفتح ـ والمشتبه الآخر ويسقطان ، ويبقى أصالة الطهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ التي هي من المسبّبات سليما عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر.
وفيه ، أنّ القاعدة المذكورة مسلّمة مقبولة ، كما حقّقناه في مقامه وأشرنا إليه ، إلّا أنها لا يتمّ المدعى على القول المذكور ، لأنّه (٢) يرد عليه ـ مضافا إلى منع تساقط الاستصحابين المتعارضين في موضوعين مختلفين مع انتفاء السببية ـ أن تنجّس الملاقي إنّما نشأ من تنجّس الملاقي ـ بالفتح ـ شرعا ، سواء كان لاستصحابه أو لجهة كونه مقدّمة ، وتخصيص حكم المقدّمة بمجرّد اجتناب العين دون البناء على نجاسته فقد عرفت ضعفه ، بل لعلّه خلاف ظاهر أكثر القائلين بحرمة الجميع في الشبهة المحصورة.
السادس : إذا فقد بعض المحتملات ، لم يحرم ارتكاب الباقي على القولين : أمّا على قولنا فظاهر.
وأمّا على القول الآخر ، فلعدم العلم بالتكليف الواقعي ، إذ لعلّ المفقود هو المعلوم الإجمالي ، فالتكليف به معلّق على وجوديهما وتحقق شرائط التكليف به ، ولذا لو اضطرّ إلى ارتكاب بعض المحتملات ، فالظاهر على المختار ، عدم حرمة المختار فيه ، لعدم دليل على حرمة ضمّه إلى المضطرّ فيه ، وعلى القول الآخر ففيه تفصيلات وفروع يستبعدها الأنظار السليمة.
__________________
(١) كذا.
(٢) في الأصل : « إلّا أنّه كما » مكان « لأنّه ».