والظاهر أنّ مراده من القياس المتوهّم فيه : كونه من باب استنباط علة الإباحة للتملّك من الرواية الصحيحة المتقدّمة ، معتذرا للعلّية (١) بكونه معقد الإجماع والنصوص.
ومنها : مسألة اطلاق الصيد بعد التملّك وقصد الخروج عنه ، حيث اختلفوا فيه ، والأكثر على عدم الخروج كما في المسالك (٢). وذهب بعضهم إلى الخروج. نسبه في الكفاية (٣) إلى الأكثر. ويتفرّع عليه جواز اصطياده للغير بقصد التملك وعدمه.
وكيف كان ، فاستدلّ المحقق القمّي ، في المسألة في أجوبة مسائله لما اختاره من كون الإعراض موجبا للخروج عن ملك المالك وتملك الآخذ ، سيما في الشيء الدون ، بوجوه :
أحدها : الإجماع العملي ، بملاحظة عمل الناس في كل عصر ومصر ، من التقاط السنابل بعد الإعراض ، من الصلحاء والمتدينين وغيرهم ، ولم ينكر عليهم أحد من العلماء في جميع الأعصار والأمصار ، والتقاط جلّات البعير والأغنام في المفاوز والصحاري ، ويجرون فيها أحكام الملك للملتقط ، من البيع والشراء ، ضرورة أن ليس بيع الملتقط بالنيابة عن المالك ، ولا بالإجازة منه ، فإنهم يبيعون لأنفسهم ، فليس الإعراض منزلة الإباحة المحضة ، ومجرّد رضى البائع بأخذه وبيعه لنفسه ليس كافيا في انعقاد العقود ، بل يحتاج إلى الإنشاء ، ولو بالمعاطاة.
وثانيها : الإجماع المحكيّ في كلام ابن إدريس (٤) ، مضافا إلى شواهد الموارد المذكورة في كلمات العلماء.
__________________
(١) كذا.
(٢) مسالك الأفهام ١١ : ٥٢٣.
(٣) كفاية الأحكام : ٢٤٦.
(٤) السرائر ٢ : ٨٢.