وثالثها : العلّة المستفادة من صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (١) ، وملاحظة الأخبار الواردة في خصوص مواردها.
أقول : الظاهر من إطلاق كلامه ـ أعلى الله مقامه ـ أنّ مقصوده من الأدلّة : خروج المعرض عنه عن الملك بمجرّد الإعراض ، ولو قبل أخذ الغير وتملكه ، بحيث لا يسعه الرجوع عن إعراضه ، ومنعه الغير عن أخذه ، وحصول التملّك للغير فيما يعم الأموال العظيمة والعقار والضياع. وفي دلالتها على جملة ذلك نظر جدّا.
أمّا على خروج الملك بمجرّد الإعراض قبل التقاط الغير : فلأنّ غاية ما يستفاد من تلك الأدلّة : الدلالة على حصول الملك للآخذ ، وأنّى هو والخروج عن ملك المالك قبل التقاط المتملك.
وتعليل الصحيحة بكونه مثل الشيء المباح ، إنّما هو لملك من أخذه ، لا للخروج قبله ، إذ المراد من المباح : المباح الأصلي الذي لم يجر عليه ملك أحد ، ولذا قال عليهالسلام : « مثل الشيء المباح » حيث إنّ ظاهر التشبيه كونه في تملك الآخذ ، لا للخروج عن يد المالك ، اذ لا يستقيم ذلك في المباح المالكي ، إلّا في الإعراض ، وهو عين المشبّه به.
وأمّا على عموم هذا الحكم بالنسبة إلى الأموال الخطيرة : فلعدم إفادة السيرة ـ علما ولا ظنّا ـ إياه ، إذ لم يعهد من الناس في سيرتهم في عصر أو مصر ـ فضلا عن الأمصار والأعصار ـ إجراء حكم الملك لمن تصرّف في الدار المعمورة أو المزرعة الدائرة بمجرد إعراض مالكها عنها ، والإجماع المحكيّ عن الحلّي غير مصرّح ولا
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٥ : ١١٨ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الرواية ٣١٣٧٧ ؛ الرواية عن عبد الله بن سليمان ، عن الصادق عليهالسلام في الجبنة قال : « كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أنّ فيه الميتة ».