العمل ، بل دلالته على المطلوب أشبه ، فإنّه من قبيل أن يقال : نعرف الكتاب الفلانيّ بالمسائل الفلانية.
وبالجملة بملاحظة الشواهد المذكورة تقوى القول الثاني.
ويوافقه في المعنى التفسير بالصفة الراسخة في النفس المقرونة بتلك الأعمال والتروك ، كما عرفت ، فمعنى العدالة مركّب منهما.
وكيف كان ، فهو غير الملكة ، والقول بها لا شاهد له من لغة أو حديث ، والتبادر العرفيّ الذي ادّعاه جمع من القائلين له ممنوع.
وإن سلّم كونها من الصفات في المتفاهم العرفيّ ، فغايته كونها صفة راسخة باعثة على التقوى ، ولو هي الخوف من الله سبحانه.
نعم ، يستلزم ذلك بعد تكرّر العمل حصول الملكة غالبا.
تتميم : لا خلاف في أنّ الفسق ضدّ العدالة الشرعية ، كما أنّ العدالة بالمعنى المصطلح عند أئمة الحكمة ـ أعني تعديل الملكات النفسانية ـ ضدّها الجور بمعنى الميل إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط ، فلا يجتمعان.
وهل بينهما واسطة؟
والتحقيق أنّ الفسق إن فسّر بما يخالف العدالة ، فلا واسطة بينهما ، لكون التقابل بالوجود والعدم ، وإن فسّر بالخروج عن طاعة الله سبحانه وارتكاب الكبيرة والإصرار على الصغيرة ، أو بملكة ذلك وإن لم يتّفق له المعصية لمانع ، من تعذر أسباب المعصية أو خوف أو مرض ونحوها لا لورع دينيّ ، فعلى القول بكون العدالة ملكة ، ففاقد الملكتين المجتنب عن الذنوب ولو طاعة لله واسطة بينهما.