المشهور ، بل عن التذكرة (١) والتحرير (٢) : الإجماع عليه ، بل من غير خلاف بيننا ، عدا المحكيّ عن الشيخ (٣) ، وفاقا له للشافعي ، من أنّه بيع ، أو اجارة ، أو هبة غير معوّضة ، أو عارية ، أو إبراء فهو الحجّة.
مضافا إلى أنّ الاستقلال مقتضى أدلّة الصلح بضميمة الأصل ، بل ظهور كثير منها فيه. نعم ، هو عقد واسع يقع في موارد أكثر العقود ، ومع ذلك متّسع باحتماله ما لا يحتمل غيره ، مما يفاد مفاده من وجوه كثيرة.
منها : أنّه يصحّ مع الإقرار والإنكار ، ففي الأوّل ظاهرا وباطنا ، وفي الثاني ظاهرا ، فيحرم على المبطل ما يدفعه إليه المحقّ ، أو بقى من ماله عنده ، ولو مقدار ما دفع إليه من العوض في المصالحة عن العين ، بفساد المعاوضة واقعا.
وإنّما يحكم بالصحّة في ظاهر الشرع ، إلّا على فرض رضى المحقّ بالصلح باطنا اجماعا في الجميع ، مضافا إلى أدلّة الصلح المعتضدة بعموم قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) في الصحّة الظاهرية ، وخصوص صحيح عمر بن يزيد (٤) ورواية علي بن حمزة (٥) في الفساد الواقعي في صورة الإنكار.
وربما يناقش تارة : في صحّته ظاهرا بأنّها غير متصوّرة ، مع القطع بكون أحدهما مبطلا ، فلا يكون الفساد الواقعيّ مشتبها ، فكيف يحكم بصحّته ظاهرا.
وأخرى : في فساده باطنا ، بأنّه إذا توجّهت الدعوى بالتهمة ، يتوجّه اليمين على المنكر ، من غير ردّ ، ولو كانت الدعوى مستندة إلى قرينة ، فصالحه على إسقاطها
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٧٧.
(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٢٩.
(٣) المبسوط ٢ : ٢٨٨ و ٢٨٩.
(٤) وسائل الشيعة ١٣ : ١٦٤ ، الباب ٣ من أبواب أحكام الصلح ، الرواية ٢٤٠١٤.
(٥) نفس المصدر : الرواية ٢٤٠١٦.