من أصله ، مع أنّه لو كان غرريا لم يخرجه الخيار عن موضع الغرر حتى كان اسقاطه موجبا لثبوته ، ولعلّه لذا احتمل ثانيا الصحة.
المسألة الخامسة : اختلفوا في كون هذا الخيار فوريا ، كما عن المشهور ، لعموم أدلّة اللزوم ، فيقتصر على المخرج بالقدر المتيقّن ، أو على التراخي ، للاستصحاب.
ونظر بعض أفاضل من عاصرناه في مستندي القولين : أما في الأوّل : فبأنّ الاقتصار على المتيقّن عند الشكّ إنّما هو إذا كان الشكّ في عدد الأفراد المخرجة. لا في كيفية افراد الخارج ، وما نحن فيه من الثاني ، لأنّ الزمان ليس من أفراد العموم ، بل هو ظرف لحكم الفرد الخارج ، فلا يعلم كونه آنيّا أو مستمرّا فيستصحب ، وليس من تعارض الاستصحاب والعموم.
نعم ، لو فرض إفادة الكلام العموم الزماني على وجه يكون الزمان يتكثر أفراد العام ، كقوله : أكرم العلماء في كلّ يوم ، بحيث كان إكرام كلّ عالم في كلّ يوم واجبا مستقلا غير إكرام ذلك العالم في اليوم الآخر ، فيقتصر في إخراج عالم على اليوم المعلوم من خروجه ، فيرجع الشكّ في المورد في استمرار حكم واحد وانقطاعه ، فيستصحب. وفي الثاني إلى خروج أحكام مستقلّة متكثّرة ، فعمل بالعموم.
وفيه نظر ، لأن أفراد العموم إن كانت متعيّنة بحسب المعنى اللغويّ والعرفيّ فهو ، ويقتصر في تخصيصه على المتيقّن منها ، كما في إكرام العلماء ، فإنّ أفراد العلماء : زيد وعمرو ، لا زيد في يوم وزيد في يوم آخر ، ولا مدخل للزمان في فردية أفرادها ، أو تكون اعتبارية ، بمعنى صلاحية العام بحسب مدلوله تشخيص الأفراد له بعنوانات ، كما في كلّ ماء طاهر ، فإنّ أفراد الماء قد تعتبر بعنوان المقدار ، كصاع وصاعين وثلاثة أصوع ، وهكذا الماء الكثير والقليل ، وقد تعتبر باعتبار الاجتماع والاتصال في محلّ ، كماء حوض كذا وغدير كذا وهكذا ، وبهذين الاعتبارين يكون