أضرّ بطريق المسلمين » لظهوره في العلم بالضرر.
وإن شكّ في الضرر ، فهو في جواز الفعل كالسابق ، للأصل.
وأما الضمان ، ففيه وجهان. والأوجه ثبوته ، لعدم اقتضاء الجهل ـ مع فرض الاحتمال ـ معذوريته ، فوجب عليه رفعه ببذل العوض ، بقاعدة الضرر ، كما مرّ ، وأصل عدم الضرر لا ينفي الضمان على تقدير ثبوته في الواقع ، لأنّ المناط في صدق اللفظ المقتضي للضمان هو الواقع ، فيما لا مانع لصدقه ، فإنّ ترخيص الشارع إضرار الغير من غير ضمان مع عدم كونه غافلا حكم ضرريّ على المتضرّر ، وجواز الفعل لا ينافي الضمان ، لتوقف الحرمة على العلم ، دون الضمان.
فإن قلت : تجويز الفعل بمقتضى الأصل ليس مقيّدا بالضمان في الأوّل ، على تقديره ، وتضمينه بعد ظهوره رفع ضرر لا يقتضيه القاعدة ، إذ ليس عدم تضمينه حكما ضرريا ، بل عدم حكم.
قلت : تقييد الجواز بالضمان على تقدير الضرر لا يستدعي العلم بالضرر ولا بالضمان ، بل يكفي الاحتمال في ثبوته واقعا. هذا كلّه إذا لم يتضرّر المضارّ بترك الفعل ، وإلّا فيأتي حكمه.
البحث الثالث : فيما إذا تعارض قاعدة الضرر مثلها ، فتعارض الضرران أو تصرف المالك في ملكه المسلّط عليه ، بقوله عليهالسلام : « الناس مسلّطون على أموالهم » (١).
فهنا مقامان :
المقام الأوّل : في تعارض الضررين ، بأن دار الأمر بين حكمين ضرريين ، بحيث كان الحكم بأحدهما مستلزما للحكم بثبوت الآخر.
فنقول : الضرران إمّا يكونان بالنسبة إلى شخص واحد ، فمع التساوي في مقدار
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢ ؛ عوالي اللآلي ١ : ٤٥٧ ، الحديث ١٩٨.