الضرر ، وعدم المرجّح ، يحكم بالتخيير ومع الاختلاف في القلّة والكثرة ، فمقتضى القاعدة نفي الأكثر ، لحصول الضرر الأقلّ على التقديرين ، سواء كان داخلا في الأكثر ، كما في الشكّ في مقدار الدية على العاقلة أنّه عشرة دنانير أو خمسة ، أو مباينا له ، كالشكّ في كونه عشرة دنانير أو عشرة دراهم.
فإن قلت : لا مرجّح للأقلّ مع التباين ، مع صدق القاعدة عليهما.
قلت : المنفيّ هو ماهيّة الضرر من حيث هو ضرر ، لا خصوصيات المضارّ ، فالاعتبار في القلّة والكثرة بنفس الماهيّة دون الخصوصيات ، والأقلّ بهذا الاعتبار داخل في الأكثر ، وإن باينه بحسب الخصوصية.
فإن قلت : المنفيّ في الحديث الأفراد ، لكونه عاما أفراديا ، فالعبرة بها دون الماهيّة ، وهي في الفرض متباينة.
قلت : الجنس الصادق على الجزء والكلّ من الأعيان ، كالماء الصادق على حوض ، وعلى كلّ غرفة وقطرة منه ، أو من الأوصاف ، كالمرض والضرر ونحوهما ، يكون فرض أفراده بالاعتبار ، فإنّ كلّ فرد فرد منه يمكن فرض جزئه فردا أيضا ، فكثرة أفراده وقلّتها يرجع إلى كثرة الجنس وقلّته ، فالعبرة فيهما به لا بالخصوصيات الزائدة.
أو يكون الضرران بالنسبة إلى شخصين ، بأن دار الحكم الضرريّ بينهما.
فكلماتهم فيه مختلفة ، بل لا يخلو كثير منها عن اضطراب ، قال في التذكرة (١) : لو غصب دينارا ، فوقع في محبرة الغير بفعل الغاصب أو بغير فعله ، كسرت لردّه ، وعلى الغاصب ضمان المحبرة ، وإن كان كسرها أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها ضمنه الغاصب ، ولم يكسر. انتهى.
ووجه التفصيل بأكثرية الضرر وعدمها ، مع فرض الغصب غير ظاهر.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ٣٩١.