وقال في الدروس (١) : لو أدخل دينارا في محبرته ، وكانت قيمتها أكثر ، ولم يمكن كسره ، لم يكسر المحبرة ، وضمن صاحبها الدينار مع عدم تفريط مالكه ، انتهى.
وحمل على كون إدخال الدينار بإذن المالك ، على وجه يكون مضمونا ، إذ لو كان بغير إذنه تعيّن كسر المحبرة ، وإن زادت قيمتها. وإن كان بإذنه على وجه لا يضمن ، لم يتّجه تضمين صاحبها الدينار.
وقال بعض أجلّة من عاصرناه (٢) في خصوص المثال المذكور وغيره مما تعارض فيه الضرران : « يمكن أن يقال : بترجيح الأقلّ ضررا ، إذ مقتضى نفي الضرر عن العباد في مقام الامتنان ، عدم الرضا بحكم يكون ضرره أكثر من ضرر الحكم الآخر ، لأنّ العباد كلّهم متساوون في نظر الشارع ، بل بمنزلة عبد واحد. إلى أن قال : ـ لكن مقتضى ذلك ملاحظة الضررين الشخصيين المختلفين ، باعتبار الخصوصيات الموجودة في كلّ منهما ، من حيث المقدار ومن حيث الشخص ، فقد يدور الأمر بين ضرر درهم ودينار ، مع كون ضرر الدرهم أعظم بالنسبة إلى صاحبه من ضرر الدينار بالنسبة إلى صاحبه. وقد يعكس حال الشخصين في وقت آخر. انتهى.
ولا يخفى ضعفه ، أما أوّلا : فلأنّ هذا لا يتمّ فيما إذا كان الضرر الحكميّ من مجرّد تشريع الشارع ، فدار في أنّ المحكوم عليه به هذا أو ذاك ، كما إذا شكّ في العاقلة الملزمة بالدية شرعا ، هل هو هذا أو ذاك بدرهم (٣) ، فإنّه لا يختلف الحكم حينئذ قطعا باختلاف الأزمان والأحوال المتجدّدة ، بل إذا رجّح أحدهما بدليله لا يتعاكس فيه الضرر ، ولا يختلف باختلافها الحكم الضرريّ.
__________________
(١) الدروس الشرعية ٢ : ١١٠.
(٢) هو الشيخ الأنصاري قدسسره في رسالة لا ضرر ؛ راجع المكاسب ( الطبعة الحجرية ) : ٣٧٤ ؛ وأيضا رسائل فقهية من منشورات المؤتمر المئوي للشيخ الأنصاري : ١٢٥.
(٣) كذا.