ولبيان ذلك نذكر مقدّمة هي أنّ تخصيص الحكم المتعلّق في الجمع المحلّى ببعض الأفراد لدليل مخرج لغيره يمكن على وجوه ثلاثة :
الأولى : حمل اللام على الاستغراق وإخراج البعض من باب التخصيص.
الثانية : حملها على العهد والإشارة بها إلى الباقي إذا كانت هناك قرينة على العهد.
الثالثة : كون اللام للاستغراق من غير تخصيص ولكن خروج البعض من باب تقييد المدخول بالثاني لا بتخصيص العموم.
وفرق الأخير مع الثاني ظاهر ، لكون اللام هنا للاستغراق وفيه للعهد.
وأمّا مع الأوّل فهو أنّ التجوّز عليه في الهيئة المركبة الموضوعة للعموم وعلى الأخير في المدخول خاصّة باستعماله في بعض أفراد الماهيّة ، ودخول اللام عليه بمعناها الاستغراقي فهي لاستغراق جميع ما استعمل فيه المدخول من غير تخصيص ، فلا تجوّز في اللام ولا في الهيئة التركيبية ، فإنّ حقيقة اللام المحلّى بها الجمع استغراق جميع أفراد المعنى المستعمل فيه المدخول ، سواء كان حقيقيا أو مجازيا ، حتى أنه لو كان من غير جنس معناه الحقيقي ، فهي لاستغراق أفراد هذا المعنى المجازي ، نحو : « الله وليّ الأيادي » أي النعماء ، فلا تجوّز في العموم ولا تخصيص بل التجوّز في المدخول ، بل لو أريد بالمدخول ما يعمّ معناه الحقيقي ، فاللام الداخلة عليه يفيد التعدّي عن أفراد الحقيقة.
وبهذا القياس ما إذا أريد به بعض أفراد الحقيقة ، كقوله تعالى ( فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوّابِينَ غَفُوراً ) (١) ، فإنّه لاستغراق التوّابين الذين هم بعض أفراد المعنى الحقيقي ، ومن هذا قولهم جمع الأمير الصاغة ، أي صاغة بلده أو مملكته ، فلا تجوّز في الاستغراق بل التقييد في الصاغة بقرينة العادة.
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٢٥.