وكيف كان فما يحتمل أن يكون مرادا من العهود الموثقة التي هي معنى العقود في الآية ، إمّا أحد الأقوال الأربعة المذكورة في المجمع ، أو خصوص عقود المعاملات ، وعليه إمّا مطلق ما يعم الشرعية والعرفية وصدق عليه المعاملات عرفا ، أو خصوص جنس المعاملات الموظفة أو أفرادها المشتملة على جميع شرائط الصحّة ، أو المراد غير ذلك من معاني العهد المناسب لصدق العقد عليه كالوصية أو الأمر أو الضمان أو اليمين.
وما يفيد المدّعى من الاستدلال به من تلك الاحتمالات ، إمّا الحمل على العموم أو على خصوص عقود المعاملات مطلقا أو أجناسها الموظفة من باب العهد ، كما استظهره بعض الأجلّة في توجيه الاستدلال بالآية.
والأوّل وإن كان مقتضى الحقيقة إلّا أنّ فيه ما تقدّم من لزوم تخصيص الأكثر ، والآخر غير معلوم بحجّة ، مع قيام احتمال غيره من المحتملات المذكورة ، بل بمقتضى لزوم الاقتصار على المتيقن حينئذ يتعيّن احتمال الأفراد الصحيحة ، إلّا أنّ هنا دقيقة غفلوا عنها ، مقتضاها الحمل على المعنى الثاني الذي قوّاه الطبرسي أو ما يقرب منه.
وبها يتمّ الاستدلال بالآية. وهو مطلق العهود الموثقة الشرعية ، سواء كانت بيننا وبين الله كالنذور ونحوها ، أو من الله إلينا كالإيمان به المعقود في عالم الذرّ وبعده في أداء أمانة التكليف التي حملها الإنسان كما قال الله تعالى ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (١) و ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ) (٢) الآية ، أو بين أنفسنا بعضنا مع بعض كالبيع والنكاح والصلح وغيرها من عقود المعاملات ، ومعنى الأمر وجوب الوفاء بكلّ عهد من تلك العهود الموثقة الشرعية.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٤٠.
(٢) البقرة (٢) : ٢٧.