يقال باختصاص الاتفاق المذكور بصورة سبق الملكة ، كما يشعر به قولهم في المقام بعود العدالة وقضاء العادة بعدم زوالها بمجرّد الذنب ، ولكن يتّجه عليه ظهور الإجماع على قبول الشهادة بعد التوبة مطلقا ، وتفكيكه عن أصل العدالة ينافي إطلاق كلماتهم. وأمّا على القول بحسن الظاهر ، فيصحّ القول به.
وتوقّف صدق الأوصاف المذكورة في الصحيحة على وجه الإطلاق ، كالاجتناب عن الكبائر والستر والعفاف على الاستمرار ، حسب ما ذكر وسنذكر ، فلا يصدق بمجرّد التوبة ، غير متّجه هنا ، إذ الظاهر صدقه عرفا ، مع العلم بالتوبة الصحيحة ، وحصول الهيئة الصالحة في النفس الباعثة على العزم على الاستمرار على تلك الأوصاف ، كما نبّه عليه المقدّس الأردبيلي ، ووالدي العلّامة وهذا هو الدليل على ثبوت العدالة بالتوبة ، على القول بحسن الظاهر ، المختار عندنا فيما سيأتي ، لكونه المعيار لها في الصحيحة.
ثمّ إنّه هل يكتفى في ثبوت التوبة بمجرّد إظهاره ، كقول المذنب : تبت ، أو أستغفر الله وأتوب إليه ، أم يشترط العلم بتحقّق شرائطها القلبية ، من الندامة عن المعاصي (١) والعزم على الآتي وغيرهما بظهور آثارها في الخارج في مدّة أمكن العلم بها والاجتناب عنها؟
الظاهر الثاني ، وحمل فعل المسلم على الصحة لا يكتفي به في مثل المقام ، وإلّا اكتفى في الشاهد بقوله : أنا عادل ، بل لم أجد مصرّحا به ، فإنّ السبب المتوقّف عليه العدالة هو التوبة ، وهي الندامة والعزم القلبيان ، فيجب العلم بهما ، دون قوله : تبت أو أستغفر الله.
المطلب الثاني : في بيان ما يكشف عن العدالة وكيفية البحث عن ثبوتها.
قد
__________________
(١) في « م » : عن الماضي.