الخطيئة وإنّ الحسنة يحبط الخطيئة » ، ثمّ قال : إن كان خلط الحرام حلالا ، فاختلطا جميعا ، فلم يعرف الحرام من الحلال ، فلا بأس ، فإنّ ظاهره عدم صرف الجميع ، بل بعضه المشتبه بالاختلاط ، فلا يدلّ على جواز صرف الكلّ.
وأورد عليه : بأنّ ظاهره جواز التصرف في الجميع بصرف بعضه في القربات المذكورة وإمساك الباقي ، فقد تصرف في الجميع ، فلا بدّ من صرفه عن ظاهره ، لئلا يلزم المخالفة القطعية. ولا ينحصر المصروف إليه في ترك ما يساوي مقدار الحرام ، بل يحتمل حمل الخبر على غيره. وفيه منع الظهور جدّا ، إذ ليس الباقي محل السؤال ، بل هو مسكوت عنه ، مع أنّ الأخبار الآمرة بإخراج الخمس في المختلط بالحرام قرينة ظاهرة لصرفه عن الظهور المدّعي.
وثانيهما : أنّه لو سلّم التكليف بالمعيّن الواقعي ، فثبوته لا يقتضي الاجتناب عن كلا المشتبهين ، إلّا بقاعدة استدعاء الشغل اليقيني البراءة اليقينية ، كما تقدّم في المقدّمة ، وهي تعمّ التعيّن الشرعي الثابت بالاستصحاب ، لقيامه مقام التعيّن الوجداني في الشرعيات ، ولما كان الامتثال هنا بالترك وهو معلوم الثبوت أوّلا ، فالاستصحاب يقتضي بقائه إلى أن يعلم العصيان ، وهو بفعلهما جميعا.
وبهذا يحصل الفرق بين الواجب والحرام ، فإنّ الاستصحاب في الواجب بين المشتبهين تقتضي عدم الإتيان به إلى أن يحصل اليقين به الحاصل بإتيانهما معا.
فإن قلت : استصحاب عدم الإتيان بالحرام الواقعي المشتغل به يعارض استصحاب عدم الآخر ، كما في المائع المردّد بين الخمر والخلّ ، فلا يحصل بالاستصحاب هنا العلم الشرعي بالامتثال ، فوجب تحصيل العلم الوجداني به.
قلت : مقتضي تعارض الاستصحابين وتساقطهما ، الرجوع في خصوص الآثار واللوازم إلى ما يقتضيه الاستصحاب في أنفسها ، كما بيّناه فيما أسلفنا في محلّه ، كما