حرام بعينه ، تأكيد للضمير للاهتمام في اعتبار العلم ، كما يقال : رأيت زيدا بعينه ، لدفع توهّم الاشتباه في الرؤية ، فالمعيّن الواقعي المردّد بينهما يصدق عليه أنّه معلوم الحرمة بعينه ، مدفوع ، بأنّ هذا مبنيّ على إرادة « بنفسه » ، من قوله : « بعينه » وهو خلاف الظاهر في المقام ، سيما مع ملاحظة الخبر الثاني وإطلاق الأمثلة المذكورة في بعض هذه الروايات ، مثل الثوب المحتمل للسرقة ، والمملوك المحتمل للحرّية ، والمرأة المحتملة للرضيعية ، فإنّ إطلاقها يشمل الاشتباه مع العلم الإجماليّ ، بل الظاهر أنّ المراد به ما يرادف بشخصه الخارجي أي يتميز عند العالم عن غيره في مقابل لا بعينه ، فإنّه يصدق على الحرام الواقعي المجهول بشخصه أنّه غير معلوم بعينه ، وأنّ الحرام منهما معلوم لا بعينه.
وإن كنت في ذلك متأمّلا فانظر إلى متفاهم العرف في نظائر ما نحن فيه ، من الخطابات العرفية الصادرة عن الموالي ، فإنّه إذا قال المولى لعبده : لا تشتر اليوم لحم البقر ، واشتر ما لم تعلم أنه لحم البقر ، إذا اشترى أحد المشتبهين خاصة ، مع علمه بكون أحدهما لحم البقر ، لا يعدّ عاصيا ، ولو عاقبه عليه يلام قطعا ، مع رخصته في شراء المجهول.
هذا ، ويدلّ أيضا ، على حلّية البعض خصوص بعض الأخبار في الشبهة المحصورة ، مثل : موثقة سماعة (١) ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أصاب مالا من عمّال بني أمية ، وهو يتصدّق منه ويصل قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب ، ويقول ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٢) ، فقال عليهالسلام : « إنّ الخطيئة لا يكفّر
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٨٨ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الرواية ٢٢٠٥١.
(٢) هود (١١) : ١١٤.