الثاني : إذا كان حكم مسبوقا بوجوده ووجوده بعدمه ، فلا شكّ في جريان استصحاب حال الموجود المتصل بزمان الشكّ ، فهو استصحاب حال الشرع.
وهل يصحّ استصحاب حال العقل ، أي العدم السابق عليه المنفصل من الحال ، فتعارض الاستصحابان ، أم لا؟
التحقيق : أنّ الفرض على ثلاثة أقسام ، لأنّ العدم السابق : إمّا هو بحيث لا يعود من حيث هو في السابق ، بحيث لو فرض حصوله بعد الوجود اللاحق كان أثرا لمؤثّر متجدّد ، كما في الشكّ في بقاء الطهارة بخروج المذي ، لأنّه لو فرض عدمها ـ حينئذ ـ فليس هو من الحدث السابق ، بل أثر خروج المذي ، أو يكون هو السابق على فرض حصوله ، بأن علم انقطاعه في مقدار زمان ، ثم كان على حالة العدم السابق.
وعلى الثاني ، فالفرض على وجهين أيضا ، لأنّ الحكم الوجوديّ المتيقّن بعد العدم السابق ، إمّا يكون متقوّما ومقيّدا بالزمان الثابت فيه ، كما في الشكّ في بقاء مدّة الإجارة ، فإنّ الثابت في زمان اليقين بعد العدم السابق ، هو ملكية منفعة تلك المدة من العين المستأجرة ، بحيث لو فرض بقاء الإجارة في الحال ، فالثابت في الزمان المتقدّم ، غير ما هو الثابت في الحال ، فإنّ الزمان جزء مفهوم المنفعة المقصودة من التمليك في الإجارة ، ومنفعة كل زمان متقوّمة ومتشخّصة بنفس الزمان الحاصل فيه ، فلا يمكن بقاؤها في الزمان المتأخر عنه ، بل لو كانت ثابتة فيه كانت منفعة أخرى.
أو لا يكون متشخّصا بنفس الزمان ، بل كان ـ على فرض بقائه في الزمان اللاحق ـ هو عين الموجود في السابق ، كالشكّ في الخيار المردّد بين الفور والاستمرار.