المقام الثاني : في الشبهة الغير المحصورة.
والعبارات في تفسيرها مختلفة غير منتظمة ، كجعل المناط فيها لزوم المشقة في الاجتناب عنها أو عدم إمكان ارتكاب الجميع عادة ، أو تعسّر عدّه مطلقا أو في زمان قصير أو ما يعد غير محصورة عرفا ، أو استهلاك العلم الإجمالي بالحرام فيها لكثرة المحتملات ، وأمثال ذلك فإنّ كلّ ذلك يختلف باختلاف الوقائع ومقدار المعلوم الإجمالي والفعل المتعلّق بها دفعة أو تدريجا ، وكذا باختلاف الأشخاص ، كصحراء وسيعة يتنجّس بعضها بالنسبة إلى من يزاولها برطوبة واحتاج إلى مزاولتها ، ومن لا يزاولها ولا يحتاج إليها وأقواها اعتبارا ، ما ذكره الشهيد والمحقّق الثانيان وغيرهما ، من كونها ما يعسر عدّه ، إلّا أنّه لا ينبغي التقييد بذلك بالنسبة إلى الفعل المتعلّق بها.
وكيف كان ، فالخطب سهل ، بناء على عدم الفرق في الحكم بين الشبهتين كما هو الحقّ ، فيحلّ ما عدا مقدار الحرام ، ويحرم ما يساويه ، لما تقدّم من الأدلّة ، مضافا إلى ظهور الإجماع هنا على حلّ ما عدا مقدار الحرام المصرّح به في كلام غير واحد ، بل عن بعضهم دعوى الضرورة عليه في الجملة.
وظاهر أكثرهم إطلاق القول بعدم وجوب الاجتناب إلى آخر الأفراد.
واستدلّوا عليه بوجوه قاصرة ، منها : الإجماع ، وهو في غير مقدار الحرام مسلم ، وأمّا فيه فغير ثابت ، كما اعترف به بعض القائلين به ، بل الظاهر عدمه ، وإن كان في إطلاق قولهم بعدم وجوب الاجتناب فيها ظهور شموله له ، إلّا أنّه يحتمل ـ قويّا ـ أن يكون مراد المصرّحين به ، عدم وجوب الاجتناب فيها ، في مقابل القول بوجوبه.
ومنها : لزوم المشقّة المنفية في الشريعة في الاجتناب عن المشتبهات الغير