إفاداته (١) ، حيث حكم ببطلان العقود الناقلة بأقلّ من عوض المثل عمّن له دين مستوعب ، وهو مقتضى التحقيق ، لا لما استدلّ به على مختاره من اقتضاء النهي في المعاملة الفساد ، نظرا إلى حرمة صرف المال في غير الدين ـ حينئذ ـ على المالك على ما عرفت ، لعدم استقامته ـ على ما اخترناه (٢) ـ من اختصاص الاقتضاء بما إذا تعلّق النهي بنفس المعاملة أو جزئه أو وصفه لأجل المعاملة الظاهر في المانعية دون غيره ، كما في محلّ البحث ، حيثما (٣) يتعلّق بها كذلك ، بل بمطلق الإضرار أو سببية الحرام ، مضافا إلى أنّ الفساد ـ على هذا التقدير ـ يختصّ بصورة العلم والعمد ، لعدم العصيان في غيرهما.
بل لأنّ صحة العقود المملّكة بغير عوض كالأوقاف والهبات ونحوهما ، أو بأقلّ من العوض كالعقود المعوّضة المحاباتية ، ممن استوعب دينه ماله الغير المتمكن عن أدائه بغيره ، إضرار على صاحب الدين ، وتفويت لما يمكن له أدائه ، ويصدق عليه أنّه ضرر عرفا على صاحب الدين ، لزوال تمكّنه به عن أداء حقّه ، وهو ضرر على ذي الحقّ قطعا ، ألا ترى أنّ صاحب الفاقة إذا استدان ألف دينار ليكتسب به فوهبه لغيره يقال في العرف أنّه أضرّ بصاحب المال ، وهبته ضرر عليه ، والضرر منفي في الإسلام ، بمعنى عدم تشريع حكم يتضمّنه ، وضعيا كان أو طلبيا ، كما يأتي بيانه ، ولا يعارضه عموم « الناس مسلّطون » لما ستعرف من تقدّم نفي الضرر. نعم ، يعارضه إطلاق أدلّة تلك العقود ، وهو بالعموم من وجه ، فيرجع إلى الأصل ومقتضاه الفساد.
ويشعر بما قلناه بعض النصوص المعتبرة الواردة في صدقة من استوعب دينه
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٣٦٣.
(٢) في « م » : لعدم تمامية هذا القول عندي واختصاص الاقتضاء ..
(٣) حيث لا ( خ ).