وإن أريد أنّ مجرّد الردّ لا يدلّ على الفسخ مطلقا ، فهو من أغرب الأقاويل ، سيما مع دعوى ظهور اتّفاقهم عليه ، لاعترافهم بحصول الفسخ بفعل أخفى منه دلالة عليه ، فكيف يدعى النفي مطلقا ، سيما إذا اقترن الحال بما يشهد بقصده الفسخ منه.
ومع ذلك يدلّ عليه الأخبار المشار إليها ، كرواية معاوية بن ميسرة (١) ، الناطقة بعود الملك بمجرّد ردّ الثمن ، فإنّه لا يصحّ توجيهه إلّا بجعله فسخا فعليا.
نعم ، إذا كان المقام مما لا يدلّ فيه مجرّد الردّ على الفسخ عرفا أمكن منع حصول الفسخ به ، بل وإن علم قصده الفسخ به من غير دلالة ظاهرة عرفية له عليه ، لاشتراط كون الفعل الفاسخ كاشفا عنه بالقرينة الظاهرة ، وإلّا لاكتفى في الفسخ بالنيّة ، إذا علم منه ذلك ، من غير توقّف على الفعل الكاشف عنه ، وهو خلاف ما اتفقوا عليه.
وبالجملة : حكم الفعل في ذلك حكم ألفاظ العقود والإيقاعات التي صرّحوا باشتراط كونها دالة على المعاملة المقصودة وكاشفا عنها دلالة ظاهرة لغوية أو عرفية ، ولا يكفي مجرّد القصد بمطلق الألفاظ ، وإن علم ذلك ، وبالجملة : المانع عن حصول الفسخ بغير ما ذكر من الفسخ الفعليّ ستظهر (٢) ، كما هو كذا في الفسخ القوليّ.
المسألة الخامسة : إذا لم يقبض البائع الثمن في بيع الخيار حتى انقضت المدة ، معيّنا كان الثمن أو كلّيا في الذمّة ، فهل له الخيار في المدّة أو مطلقا ، أو ليس له خيار؟
فيه وجهان : من كون عدم القبض في حكم الردّ ، لاشتراكهما في الفائدة المقصودة ، فله الخيار ، ومن أنّ الخيار شرط على تقدير الردّ المستلزم للقبض
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٢٠ ، الباب ٨ من أبواب الخيار ، الرواية ٢٣٠٤٩.
(٢) كذا في النسخ.