وفيه إشكال ، لعدم ظهوره من الدليل المذكور ، وفي المسالك (١) والروضة (٢) التأمل فيها عند عدم التقابض ، لعدم صدق المعاطاة ، لأنّها معاملة يتوقّف على الإعطاء من الجانبين ، وردّ بعدم وجود هذا اللفظ في النصوص ، فلا يتبعه الحكم ، مع أنّه يكفي في صدق المفاعلة المشاركة في الجملة ، وإن لم يتحقّق المبدأ في كل منهما مستقلا ، كما في المتابعة والمرابحة ، فإنّ الفعل يحصل باجتماعهما ، بل لا يبعد القول بحصول التعاطي بمقابلة ما في ذمّة أحدهما الملتزم به للمدفوع.
البحث الثاني : في بيان ضابطة صيغ العقود اللازمة على ما يقتضيه الأصول وعموم الأدلّة.
وليعلم أوّلا أنّ العقد صيغة شرعية لا بدّ لها من متخاطبين ولو حكما يترتّب عليها نقل ملك أو سقوط حقّ أو حلّ فرج أو تسلّط على تصرف ، وهو على ثلاثة أصناف :
لازم من الطرفين باعتبار أصله ، وهو الذي لا يتسلّط على فسخه إلّا لسبب أجنبيّ من شرط أو جبر ضرر أو تعبد على وجه مخصوص ، وذلك البيع والإجارة والصلح والضمان والكفالة والحوالة والسبق والرمي والمزارعة والمساقاة والصدقة والعمرى والحبس والوقف والنكاح والهبة على بعض الوجوه والمكاتبة على الأشهر.
ولازم من أحدهما خاصّة بالأصالة ، وهو الذي لا يتسلّط على فسخه من طرف اللزوم إلّا بسبب أجنبيّ ، وذلك الرهن ، فإنّه لازم من طرف الراهن جائز من طرف المرتهن ، ويوافقه الخلع والمباراة ، حيث إنّ للزوجة الرجوع في البذل ، ومعه كان للزوج الرجوع في النكاح ، فهو في قوّة الفسخ لازم من طرفه جائز من طرفها.
__________________
(١) مسالك الأفهام ٣ : ١٥١.
(٢) الروضة البهية ٣ : ٢٢٢.