وبيان معنى الاستثناء ، ودفع ما أورد عليه من الإشكال ، ليطلب مما حقّقناه في استثنائه في الشرط ، فلا نعيده.
ثمّ الصلح لا يتوقّف على سبق الدعوى ، ولا توقعه إجماعا منا ، وإن كان في الأصل شرّع لدفع الخصومة ، فاطّرد في غيره ، مثل المشقّة في حكمة القصر ، ونقص القيمة في الردّ بالعيب ، واستبراء الرحم للعدّة ، ونحوها ، فيحكم به في غير مورد الحكمه ، مضافا إلى الإجماع بعموم النصّ.
وما قيل : باختصاص الإطلاقات بما تحقّق فيه التنازع ، ولو متوقعا ، والتعميم بعدم القائل بالفرق غير متجه ، لأنّ معنى الصلح الواقع في إيجاب العقد ، المحمول عليه الإطلاقات ، يوافق المصطلحين ، بما تسالما واصطلحا عليه ، وهو يشمل غير صورة التشاجر والتجاذب أيضا.
وكيف كان ، فهو عقد لازم ، يشترط فيه الصيغة الخاصّة من الإيجاب والقبول اللفظيين بشرائطهما ، كسائر العقود اللازمة ، كما مضى في بعض ما تقدّم ، وإن قلنا بجواز المعاطاة في صلح المعاوضة ، على غير وجه اللزوم.
وإيراد المحقق الأردبيلي (١) في اشتراط الصيغة ، بمخالفته للأصل وظاهر الأخبار ، غير مقبول. ضرورة أن ليس المراد بالصلح فيها مجرّد التسالم على ما اتفقا عليه ، الذي هو معناه اللغويّ ، بل ما يعمّ الإنشاء العقديّ ، ولذا كان من العقود إجماعا ، فهو محمول على المعاملة المعهودة في الشرع ، فلا يصحّ التمسّك في صحّة مطلق ما صدق عليه معناه لغة بالإطلاق ، وإن صحّ ذلك بالنسبة إلى سائر الشرائط ، حسب ما تقرر فيما مضى. مضافا إلى أنّ مدلول الإطلاقات ، مجرّد الصحة ، دون اللزوم.
ثم الصلح عقد مستقلّ لا يتفرّع على غيره من العقود ، وإن أفاد فائدته ، كما هو
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ٩ : ٣٣٥.