ثم المستفاد من تلك الأدلّة والنصوص وغيرها ، مما صرّح فيها بالضمان : حصوله للعين أو المنفعة بأحد الوجوه الثلاثة ، بشرائطها الآتية : إيجاد علّة التلف ، أو إيجاد سببه ، أو إيجاد شرطه.
أمّا الأوّل ـ وهو المعبّر عنه بمباشرة الإتلاف ـ : فإنّ المراد بالعلّة ما هو المؤثر في التلف ، وهو أثره ، فهو قسمان :
أحدهما : إيجاد العلّة بلا واسطة ، كقتل الحيوان بالسيف ، وإهراق اللبن ، وخرق الثوب ، وسكنى الدار ، وركوب الدابّة.
والثاني : إيجاد علّة علّة التلف ، بأن كان فعله علّة مؤثرة له ، كالجرح المولّد للمرض المولّد للموت ، وإيجاد السمّ في الحلق ، والصياح على الطفل ، وسدّ مجرى النفس ، والرمي بالسهم ، وإغراء الكلب العقور ، وأمثال ذلك ، فإنّه يصدق على القسمين المباشرة عرفا ، ولا يصحّ سلب الإهلاك عنه ، باعتبار أنّ مناط الصدق كون التلف أثر فعل المباشر أو أثر أثره ، وعدم مشاركة غير فعله أو أثر فعله في التأثير ، وإن توقف التأثير على شرط ، كحرارة الهواء في الجرح ، وغفلة الطفل في الصياح عليه.
والدليل على الضمان في القسمين : الإجماع بقسميه : إذ لا خلاف بين المسلمين ، أن من باشر الإتلاف عمدا أو خطاء ، بشرط صدور الفعل عنه عن قصد ، كما في الأمثلة المذكورة ، ضمن ، وإن لم يكن هناك غصب واستقلال يد مطلقا ويدلّ عليه أيضا ـ مضافا إلى فحوى إطلاق أكثر ما ذكر ـ : قاعدة الضرر المقتضية لنفيه عن المالك شرعا ، المثبت بالإجماع المركّب لضمان المباشر ، دون نفيه عن المباشر ، لصدور الفعل عن نفسه ، ولو مع جهله ، لكونه عند الجهل بالنسبة إليه كالآفة السماوية الغير المنفية ضررها ، سيما إذا استفاد بالإتلاف ، كالأكل والاستعمال ، أو