قدم عليه على كونه ضررا عليه ، زعما له أنّه من مال نفسه ، أو مأذون فيه من مالكه ، أو عدم مالكيته ، وأمثالها.
وأمّا الثاني : أي : إيجاد سبب التلف ، والمراد به ما يستلزم وجود علّة التلف عقيبه عادة ، لا بعليته ، بل بعلّة أخرى ، فهو أيضا قسمان :
أحدهما : ما لا يدخله مباشرة غيره ، كإلقاء الثوب في النار ، وتلهيب النار قرب متاع الغير ، في الريح العاصف المهيج للإحراق عادة.
ومن ذلك رفع المانع عن العلّة الموجودة أو المتوقعة ، كحبس الحيوان عن الطعام والشراب ، والقائه في المسبعة مع عجزه عن الخلاص ، وفتح باب القفس عن الطير ، وفتح رأس وكاء المائع.
وثانيهما : أن يكون التلف بمداخلة مباشرة الغير ، بحيث كان السبب له أثر في توليد مباشرته ، كإقدام الطعام المسموم عند الضيف الجاهل ، والإكراه على التلف ، وشهادة الزور عند القاضي ، وتغطية رأس البئر في معبر الغير.
ومقتضى أكثر ما تقدم من الأدلّة ، ضمان فاعل السبب في القسمين ، لصحّة إسناد التلف عرفا إلى الفاعل ، مع جهل المباشر ، باعتبار كونه مستندا إلى ما لا ينفك عادة عن فعله في المفروض. وظهور الإجماع ـ كما حكي صريحا ـ على أنّ من أتلف شيئا كان ضامنا.
وبه يثبت القود في النفس عند العمد ، ويعقل العاقلة عند الخطاء ، فإنّ الجهل لا يقدح الضمان في حكم الوضع ، إذا كان التلف مستندا إلى الفاعل.
واختصاص أكثر النصوص السابقة بمثل الطريق وحفر البئر ، قد عرفت كونه منساقا للمثال. ومع ذلك يتمّ بعدم القول بالفرق.
ونفي الضرر لا يقتضي عدم ضمان الجاهل ، بل لضمانه حجّة أخرى ، لما أشرنا