باب المقدمة ليس الوجوب الأصليّ ، للعلم بأنّ الواجب الأصليّ في نفس الأمر أحدهما خاصّة ، لا الأمران معا.
وتظهر الفائدة في الآثار الخاصة المترتّبة على الوجوب الأصليّ ، فلا يحكم به في شيء منهما. فإذا نذر أحد أن يكرم زيدا العادل ، واشتبه بين رجلين ، يجب إكرامهما معا ، من باب أصالة الاشتغال لرفع البراءة اليقينية ، ولكن لا يقبل شهادة واحد منهما ، إلّا إذا شهدا معا ، فيقبل عدلا واحدا.
تتميمات :
الأوّل : إذا تعارض استصحاب مع استصحابين أو أكثر ، فإن كان الأقل مشتركا ، فهو المتعين ، وهو ظاهر ، وإلّا ـ كما إذا علم وقوع معاملة ولم يعلم أنها البيع أو الصلح أو الإجارة ، أو قدوم المسافر ولم يعلم أنه زيد أو عمرو أو بكر ، فظاهر جماعة ممن عاصرناه تقديم الأكثر ، لأقلّية خلاف الأصل فيه ، ولأنّ الأقلّ يعارض ما يساويه من الأكثر ، ويبقى الزائد بلا معارض ، فيعمل به.
وضعّفه والدي العلّامة ووجهه أنّ الفرار عما يخالف الأصل (١) ليس لقبح ذاتيّ ومفسدة عقلية ، حتى يقدّر بقدر الضرورة ، بل لمجرّد التعبّد الثابت من أخبار الاستصحاب ، ونسبتها إلى الجميع نسبة واحدة ، ولا يمكن شمولها للمتعارضين الذي لا يمكن العمل بها حسب ما مرّ لاستلزامه التناقض في مدلولها ، فإنّ قوله : « لا تنقض اليقين بالشكّ » ، مخصوص ـ قطعا ـ بغير ما يوجب عدم نقض يقين آخر بالشكّ يساويه في النسبة والجهة ، فلا دليل على حجّية كلّ من الأقلّ والأكثر في محلّ الفرض ، إلّا إذا كان الترجيح لأحدهما بالمزيلية ، أو أمكن العمل بالجميع على ما عرفت.
__________________
(١) في « م » : وهو في محلّه ، لأنّ الاجتناب عما يخالف الأصل.