وإلّا يجب الاقتصار في كلّ منها على المعلوم ، عملا بأصل الفساد المتّفق عليه ، واستصحاب عدم ترتّب الأثر ، وقد يكون الأثر الثابت من الشرع مما يختلف كيفيته باختلاف إطلاق العقد ، أو تقييده بشرط ، أو خصوصية للعوضين أو أحدهما ، ككونه حيوانا أو نقدا ونحوهما ، كما أن نقل الملك الذي هو أثر البيع يختلف لزوما وتزلزلا إلى مدّة من طرف أو الطرفين ، ومستتبعا للمنافع أو مجردا عنها إلى مدّة معينة ، إلى غير ذلك من الوجوه والاعتبارات ، واللازم في جميع ذلك الاقتصار في الصحة على القدر الثابت بالأدلّة الشرعية.
ثمّ إنّه مما ثبت بالإجماع ويطابقه الأصل المذكور ، اشتراط قصد إنشاء الأثر الذي رتّبه الشارع عليه ، فلو صدر بلا قصد ، أو بقصد الإخبار أو إنشاء أثر آخر ، كان باطلا.
ويعتبر في هذا القصد أمران :
أحدهما : أن يكون من لفظ العقد ، فقصد به إنشاء الأثر المترتّب عليه ، فلا أثر لقصد لم يتعلّق بإنشاء العقد به ، وإن كان الرضا بالعقد معلقا عليه ، وكان من العلل الداعية عليه ، سواء كان هو من بعض الأحكام المترتبة على أثر العقد ، كأن يكون غرضه من التزويج مجرد حلّية النظر إلى أمّ الزوجة ، أو من الأمور الخارجة ، كأن تزوّجها طمعا في مالها أو استخدامها ، أو من بيع داره شراء دار المشتري باعتقاد كونه وسيلة له ، بل وإن وقعت المساومة بينهما عليه ، فأمثال هذه الأغراض والقصود لا دخل لها بقصد الإنشاء المعتبر في العقود ، ولا يتبعها العقد ، وإن كان الرضا معلقا عليها ، بل لا يؤثر في العقد ، وإن كان اعتقاد المتعاقدين أو أحدهما ترتّبه على العقد شرعا ، على خلاف الواقع ، كما إذا رضيت المتمتعة بعقد الانقطاع ، بظنّ استحقاقها القسم والنفقة كالدائمة ، بحيث لو لا هذا الاعتقاد لما رضيت بالتمتع.