ولعلّه لم يتأمل في ذلك أحد من أهل العلم ، فما قد يستشكل ـ بأنّ العقود تابعة للقصود ، وما قصد به هو التزوّج حال كونها مستحقة للقسم والنفقة ، فلا يصحّ العقد ـ مردود ، بأنّ مرادهم من تلك العبارة ، هو المقصود من العقود ، أي القصد المعتبر في لفظ العقد الذي يتحقّق به الإنشاء ، لا مطلق القصد.
وتوهّم أنّ الرضا بالعقد يتوقف عليه ، فمع عدمه لا مراضاة ، ولا هو تجارة عن تراض ، ولأجله يكون باطلا ، مدفوع بأنّ الرضا الفعليّ حاصل على الفرض ، وهو كاف في صدق التراضي المشروط في العقد ، وحصول الإنشاء على الرضا ، وما ليس فيه هو الرضا الفرضي ، وحصول الضرر في بعض الفروض غير مانع عن الصحة ، بل عن اللزوم أيضا ، لإقدام نفسه عليه ، ومثله غير منفيّ ، وإن كان للجهل بالمسألة ، كما في نظائر الفرض من موارد الأحكام ، وقد أشبعنا الكلام فيما يتعلّق بذلك في مسألة نفي الضرر ، في بعض الفوائد الآتية.
وثانيهما : قصد إنشاء الأثر الذي جعله الشارع بالأصالة مسبّبا له ، فلو قصد إنشاء غيره بالعقد ـ وإن كان من لوازم هذا الأثر ـ كان العقد باطلا ، لخروجه عن السببية الشرعية التي وضعها الشارع ، وهو من مقتضى قولهم : العقود تابعة للقصود ، فإن المراد عموم السببية في الصحة والبطلان ، فلو قصد بعقد النكاح إنشاء محرّمية أمّ الزوجة ، وبعقد البيع استحقاق المنفعة ، كان باطلا وبالجملة صحة العقد تابعة لما قصد إنشاؤه.
ولو كان العقد بإطلاقه سببا لأثر شرعا ، وبتقيّده بشيء سببا لأثر يخالف الأوّل نوعا أو وصفا (١) ، وإطلاقا وتقييدا ، أو بغير ذلك من الاعتبارات وجب تطبيق العقد (٢)
__________________
(١) في « م » : وضعا.
(٢) في النسخة المطبوعة : القصد.