وأمّا في غيره ، فلا يلزم جواز المخالفة القطعية في حكم شخص واحد ، من قبيل واجد المني في ثوب مشترك.
وأمّا الحاكم ، فوظيفته أخذ ما يستحقه المحكوم له على المحكوم عليه بالأسباب الظاهرية كالإقرار والحلف والبيّنة وغيرهما ، فهو قائم مقام المستحقّ في أخذ حقّه ، ولا عبرة بعلمه الإجمالي بالنسبة إلى غيره.
وثانيهما : بناء العرف على ما ذكرناه ، كما يشاهد في نظائر ما نحن فيه من الأحكام الصادرة عن الموالي وحكمهم به ، فإنّه إذا قال المولى لعبده : لا تشتر اليوم لحم البقر ويجوز لك شراء ما لم يعلم كونه لحمه ، إذا اشترى المشتبهين ولو بصفقتين ، يعد عاصيا ويعاقب عليه ، كما لا يعاقب إذا اقتصر على أحدهما كما أشرنا إليه ، وما هو إلّا لكونه لازم الخطابين معا ، وهو حجّة في الشرع ، بل يحكم بذلك القوة العاقلة.
احتجّ القائلون بحرمة الجميع بوجهين :
الأوّل : إنّ أدلّة تحريم المحرمات شاملة للمعلوم الإجمالي ، فلزم بحكم العقل التحرز عن ارتكاب ذلك المحرّم بالاجتناب عن كلا المشتبهين ، وإلّا لزم تجويز ارتكاب ما هو الحرام الواقعي إذا اتفق كونه المرتكب به وعدم العقاب ، إذ المفروض ثبوت التكليف هنا بما هو في الواقع ، لمكان العلم به.
والجواب عنه : أوّلا : إنّ المراد بالمعلوم الإجمالي ، إن كان ما هو موضوع الخطاب الشرعي ، أعني الماهيّة الكلّية ، فلا كلام في كونه مكلّفا به ، لكن بشرط العلم بمصداقه الخارجي ، وأمّا مع عدمه فلا.
ولا فرق في ذلك بينه وبين الشبهة الابتدائية الموضوعية ، فإنّ نسبة الجهل إلى كلّ واحد من المشتبهين ، كنسبته إلى المشتبه الابتدائيّ.