وإن كان هو الفرد الواقعي المردّد بينهما ، فهو أوّل الكلام ، وشمول الخطاب المحمول على المعنى النفس الأمريّ له وإن كان مسلما ، إلّا أنّ تكليفنا به مقيّد بالعلم بنفس الحكم وموضوعه بملاحظة أدلّة البراءة ، كما تقدم بيانه. ولا فرق في ذلك ـ بالنسبة إلى مصاديق الموضوع الخارجية ـ بين الشبهة المحصورة والابتدائية ، مع صدق العلم فيهما بنفس الحكم الثابت من الخطاب الشرعي.
وإن كان المراد ، المجتمع من المشتبهين المشتمل على المعلوم الإجماليّ ، فحرمته مسلمة ، بل هو حرام تفصيليّ لا يجوز تناولهما جميعا ، فإنّ المركّب من الحرام حرام كما بيّناه ، وأين هو من كلّ واحد وحده.
وثانيا : أنّه لو سلم التكليف التحريمي بالنسبة إلى أحدهما المعين الواقعي ، فغاية الأمر وجوب تحصيل العلم الشرعي بامتثاله الشامل للعلم الاستصحابي.
وقد علمت : أنّ مقتضى الاستصحاب عدم حصول العصيان واستحقاق العقاب بفعل أحدهما ، وإن تعارض الاستصحابان فيهما بملاحظة نفس الموضوعين.
ومن هذا يظهر أنّ الاستناد بحال العبد إذا قال له المولى : اجتنب عن الخمر المردّد بين هذين الإنائين ، حيث لا يرتاب في وجوب الاحتياط حينئذ ، ليس كما ينبغي ، فإنّه لو سلم كون المبحوث عنه من هذا القبيل ، مع أنّه غير مسلّم كما عرفت ، فهو إذا لم يقترن به قول المولى : إذا شككت في وقوعك في العصيان ، فلا حرج عليك.
الثاني : الأخبار الدالّة على اجتناب الجميع.
ومنها المرسل (١) : « اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس ». ومنها الخبر
__________________
(١) في مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦٧ ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّه قال : « إنّما سمّي المتّقون المتّقين ، لتركهم عما لا بأس به حذرا ممّا به البأس ».