والجواب عن الآيتين عدم الدلالة على اللزوم ، بل على مجرد الصحّة ، وعن إطلاق الأخبار بظهوره في إرادة الخيار من حيث المجلس أو الشرط أو العيب ، وبالجملة هو في بيان سببية تلك الأسباب للخيار ، وهو لا ينافي ثبوته في بعض أفراد البيع لجهة أخرى ، فهو من قبيل إن قبضت في المجلس صحّ الصرف ، مع أنّه يمكن فساده من جهة أخرى ، فإنّ غرض المتكلّم من مثل هذا الكلام على ما هو المتبادر والمنساق إلى الأذهان من السياق بيان مجرد شرطية الأوّل للثاني ، مع الفراغ عن وجود سائر أجزاء العلّة.
تتميمات :
الأوّل : المعاطاة يمكن تصويرها على وجوه :
أحدها : أن يقصد بها الإباحة بعوض والتسليط على التصرف كيف شاء ، ولو بالإتلاف من غير تضمين ، دون الملك ولا شبهة في مشروعيتها حينئذ على وجه المبادلة ، لعموم « الناس مسلطون » (١) وحلّية مال المرء بطيب نفسه ، ولا خلاف فيه ظاهرا ، ولا في عدم إفادتها الملك ، ولا في عدم ضمان العوض مع التلف ، كما في الإباحة المجانية في نثار العرس ، ومقتضاها عدم صحة التصرفات المتوقفة على الملك ، كالعتق والوطء والبيع لنفسه ونحوها ، فإنّ مجرّد تسليط المالك ولو على أمثال تلك التصرفات لا يوجب صحّتها شرعا ، بل يتوقف على التوقيف الشرعيّ ، واتفاقهم على صحّته في المعاطاة لا يوجبها في محلّ الفرض ، فإنّ من المجمعين من يقول بإفادتها الملك لكونه بيعا أو معاملة مستقلّة ، وهو مناط صحّة هذه التصرفات الملكية عنده ، فلا يقول بصحّتها في مثل تلك المعاطاة التي لا تفيده اتفاقا.
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢ ؛ عوالي اللآلي ١ : ٤٥٧ ، الحديث ١٩٨.