وتوجيه الجمع بين صحّة هذه التصرفات في المعاطاة على القول بعدم إفادتها الملك ، وبين ما دلّ على أن لا بيع ولا عتق إلّا في ملك ، بتقدير الملك ضمنا ، كما يقدّر في : اعتق عبدك عنّي ، وانعتاق العمودين على المشتري لا شاهد له أصلا ، بل مقتضى الأصول وانحصار النواقل الشرعية في كتب الجماعة فيما ليس منه إرادة التصرف الناقل في مثل محل البحث يدلّان على خلافه ، مع عدم انصراف الملك في قوله : « لا بيع إلّا في ملك » إلى مثل هذا الملك الضمني الذي تقديره بمجرد التقدم الذاتي ، بل المتبادر منه الملك المتعارف في العرف والعادة.
وثانيها : أن يقصد البيع بالمعاطاة أي إرادة النقل البيعي تفصيلا ، كما إذا وقعت المساومة عليه ، أو إجمالا على ما هو المعهود المركوز في المقصود غالبا في معاملات الناس المتداولة في الأسواق على سبيل المعاطاة ، والمتّجه حينئذ كونها بيعا صحيحا غير لازم ، على ما اخترناه بالأدلّة المتقدمة ، فيعتبر فيها جميع ما يعتبر في البيع ، لعموم ما دلّ عليه الشامل لمحل الفرض ، وبيعا فاسدا على المحكيّ عن الفاضل في النهاية (١) ، بل هو لازم قول جميع القائلين بمدخلية الصيغة في صحّة البيع ، فإطلاق كلام هؤلاء في إفادتها الإباحة الشامل للفرض ، خصوصا على تسليم بعضهم صدق البيع عليها لغة وعرفا ، غفلة واضحة ، بل عليهم حجّة صريحة ، كما مرّت إليه الإشارة. فإنّ حرمة التصرف في المأخوذ بالمعاملة الفاسدة وضمان ما يقبض بها من المسائل الإجماعية ، والتعاطي مع تقييده بقصد البيع لا يفيد الإذن المطلق المجوّزة للتصرف ، مع فرض عدم حصول المقصود ، سيما مع الجهل بالفساد.
ومن هذا يظهر فساد ما قيل ، بل نسب إلى المتأخرين من أنّ محل النزاع ومجرى الأقوال من الإباحة والبيع المتزلزل والبيع الفاسد ما قصد به البيع ، مع وجود جميع شرائطه عدا الصيغة.
__________________
(١) نهاية الإحكام ٣ : ٤٤٩.