لزوم الغرر وصيرورة المعاملة غررية ، بل نفس الشرط مع قطع النظر عن غرر المعاملة يشمله دليل نفي الغرر أيضا ، كما تقدّم.
ولا عبرة بمسامحة العرف في بعض المعاملات ، كتحديدهم إلى الحصاد ونحوه ، إذ ليس هو على الكلّية ، ولذا يداقّون في مقام الحاجة وحصول الفائدة بساعة وساعتين ، ولا إشكال في ذلك.
وإنّما يختلط الأمر في حدّ انضباط المدّة ، فإنّك تريهم يجوزون التحديد بشهر أو سنة ، كما هو مدلول أخبار بيع الخيار ، ولا خلاف فيه ظاهرا ، مع أنّها يحتمل الزيادة والنقيصة بيوم أو أكثر ، ولا يجوّزون التحديد بقدوم زيد. ولو كان التفاوت المحتمل فيه هذا المقدار ، فما الفارق بينهما؟ بل الظاهر عدم تجويزهم التحديد بيوم معيّن لا يعرف ، كعيد المولود ، ويوم دحو الأرض ، مع اشتراك الجميع في التعين الواقعي والجهل الظاهري الذي يناط به الغرر.
ويمكن دفعه : بأنّ ضبط المدّة لا ينحصر في تعيّن الامتداد الزمانيّ ، وإلّا لزم أن لا يصحّ التقدير باليوم إذا لم يعلم عدد ساعاته ، بل بمطلق ما يقدر به المدة عرفا ويضبطونها به ، سواء كان من الساعات أو الأيام أو الشهور أو الأعوام ، فإنّ كلّ ذلك من مقادير المدة عرفا ، ويتسامحون في التفاوت الذي قد يتّفق بينها ، وبه ينتفي الغرر الذي مناطه العرف أيضا.
وأمّا تعيينها بسائر الأحوال ، كالعيد ووقت الكسوف ونحوهما ، فلا يصحّ إلّا مع العلم بوقتها من الشهر ، إذ لا فرق بينها وبين ما وقع الاتفاق على المنع فيه بقدوم حاج البلد وإدراك ثمراته.
ثم إنّه كما لا يصحّ ذكر المدّة المجهولة لا يصحّ إهمال المدّة أيضا على الأظهر الأشهر بين من تأخر ، لاشتراكهما في الغرر ، خلافا لكثير من القدماء ، تنزيلا لها