الهيئة المركّبة تحصل بالأخير ، فهو محكوم بالحرمة.
وأمّا الأوّل ، فإن قصد به اقترانه بالأخير أيضا ، فلا يبعد الحكم بحرمته مع هذا القصد أيضا ، بل هو الظاهر ، فإذن المشهور في أحدهما إنما هو بعد الأمر بالاجتناب عن الآخر ، لئلا يلزم ارتكاب الجميع ، فيكون الحلال الظاهريّ هو أحدهما على التخيير ، وهو من قبيل التخيير الاستمراري في تقليد أحد المجتهدين المتخالفين فيما يقلّد فيه.
فإن قلت : عنوان المجموع من حيث هو ليس عنوانا للحرام الواقعي المقصود من الخطاب الشرعي ، بل هو أحدهما بخصوصه ، وحيث إنّه حلال ظاهريّ بسبب الجهل ، فيسقط التكليف عن الحرام الواقعي ، فلا يضرّ العلم بالمخالفة القطعية ، كما وقع نظائرها في الشرعيات فوق الإحصاء ، كما في الرجوع في التقليد في المثال المذكور ، وكما في إقرار ذي اليد لزيد وقيام البيّنة لعمرو ، فتؤخذ المال منه لعمرو وقيمته لزيد ، أو قال هذا لزيد بل لعمرو بل لخالد ، حيث يغرم لكلّ من الأخيرين تمام القيمة ، مع أن حكم الحاكم في الجميع مخالف للواقع ، وأمثال ذلك من صور الأقارير والتحالف وغير ذلك.
قلت : نعم ، ليس المجموع عنوان الحرام الواقعي ، بل هو أحدهما الخاص ، إلّا أنّه لاشتماله عليه وعدم العلم بالخاصّ بعينه صار عنوانا له في الظاهر ، وحلّية كلّ واحد بالخصوص بدليل البراءة لا يقتضي حلّيته مقترنا بالآخر ، ولا يساعده دليل البراءة كما عرفت. والنقض بالمخالفة القطعية في أمثال ما ذكر غير متّجه.
أمّا التقليد الذي يتبدّل بتقليد مجتهد آخر ، فلأنّ التقليد لكونه طريق الواقع في حقّ المقلّد ، ولو تعبّدا ، فهو من باب تغيّر الواقع في حقّه ، نظير تغيّر رأى المجتهد لنفسه.