فإن قلت : فعلى هذا لزم القول باستصحاب اشتغال الذمّة بالصلاة في أحد الثوبين المشتبهين ، ولو على المختار في المسألة من عدم وجوب الاجتناب عن الجميع ، مع أنّه لا يقال به.
قلت : وجهه أنّ الثابت من الشرع كون النجاسة مانعة للصلاة ، لا أنّ الطهارة مبيحة لها ، فالحكم بالبطلان يستدعي اليقين بوجود المانع ولو بالاستصحاب.
ولنا على حرمة المخالفة القطعية التي هي بارتكاب الجميع ولو تدريجا وجهان :
أحدهما : أنّ الجملة المشتملة على الحرام اليقيني حرام قطعا ، وإن لم يعلم الحرام منها بشخصه ، فيحرم ارتكاب الجميع.
فإن قلت : على ما ذكرت سابقا من جواز ارتكاب أحد المشتبهين خاصة لعدم العلم بحرمته بخصوصه ، جاز ارتكاب الآخر أيضا ، لاستواء حاله في ذلك مع الأوّل ، وحصول العلم بارتكاب محرّم بعد فعله غير ضائر ، لعدم اتصاف الفعل بالحرمة بعد العمل ، مع فرض كونه محكوما بالجواز عند ارتكابه.
قلت : حكم المجموع غير حكم كلّ واحد كما مرّ وهو يحصل بارتكاب الأخير ، فهو مقدّمة وجودية للحرام حقيقة لا علمية.
فإن قلت : أدلّة البراءة النافية لحرمة كلّ واحد يستلزم عدم حرمة المعلوم الإجمالي الواقعي ، بالتقريب المتقدّم ، فلا يكون المشتمل عليه حراما.
قلت : كلّ واحد له جهتان : جهة خاصة في نفسه ، وهو محكوم بالحلّية ، وجهة اجتماعية تحصل من تداركهما الجميع (١) ، فهو محرّم ، من قبيل ارتكاب أجزاء الحرام ، فإنّ المجموع ـ حينئذ ـ حرام بعينه ، فلا تشمله أدلّة البراءة وتعيّن شخص الحرام من بين الجملة المشتملة عليه غير لازم اتفاقا. وحيث إنّ تلك الجهة ، أعني
__________________
(١) كذا.