عليه ، ومع تخلفه لم يكن صحيحا ، كأن يقصد بالنكاح المجرد عن ذكر المدّة الزوجية المنقطعة ، أو بالعكس ، وبالبيع المطلق إنشاء الملك المتزلزل بالخيار ، وفي بيع الحيوان إنشاء الملك اللازم ، من غير ذكر الخيار في الأوّل ، وسقوطه في الثاني ، فمقتضى قاعدة السببية الموافق للأصل المتقدّم فساد العقد إلّا فيما خرج بدليل ، لأن الأثر المقصود غير ما يقتضيه العقد شرعا.
ثمّ العقد إن كان مدلوله اللغويّ والعرفيّ متعيّنا ولو بتوسط القرائن المنضمّة ، لزم كونه المقصود بالإنشاء ، ولا يصحّ لو قصد به غيره ، للأصل المذكور ، ولعلّه لا خلاف فيه أيضا ، وإن لم يكن متعيّنا ، بل قابلا بحسب الدلالة اللفظية لوجوه أو أفراد مختلفة ، كان تعيّن أحدهما منوطا بقصد العاقد ، فترتّب الأثر الشرعيّ للعقد عليه ـ حينئذ ـ موقوف على تعيّنه في القصد ، وإلّا بطل العقد ، لاستحالة تعلق الحقّ بغير المعيّن وبطلان الترجيح بلا مرجّح ، كما إذا قال : زوّجتك ابنتي ، ولم يعيّنها من بين بناتها ، وإن عيّنه فهو المتعيّن ، ويلزم عدم التدافع بين قصدي المتعاقدين.
وهل يشترط اطلاع القابل على ما قصده الموجب؟
لا شك في الاشتراط فيما يكون الغرر فيه منهيا عنه ، وأمّا في غيره ففيه إشكال ، من كون القبول واقعا على ما قصده الموجب ، وهو متعيّن وإن لم يعلمه بعينه ، ومن كونه مثار النزاع المرغوب عنه في الشريعة في أكثر نظائر الفرض ، وعلى الجملة فمما بيناه في المقامين تبيّن ما هو المراد من قولهم : العقود تابعة للقصود.
وإذا اختلف المتعاقدان في ما قصدا به ، فالمعتبر ، وإن كان قول القاصد ، لأنّ القصد من الأمور القلبية التي لا يطّلع عليها غيره ، إلّا أنّ اللفظ إن كان له دلالة ظاهرة بحسب العرف واللغة ، ولو لأجل القرينة ، كما في القسم الأوّل ، نقدم قول من يطابق دعواه مدلول اللفظ ، لأنّ الشارع أقام الألفاظ الظاهرة في معانيها مقام العلم