به إجماعا ، وإن كان مقتضى أصل الفساد فيما يخالفه عدم ترتّب الأثر إلّا مع العلم بقصده ذلك الأثر ، وإلى هذا ينظر قولهم : الأصل في المعاملات الصحة ، فلو قال : بعتك هذا وادّعى قصد الإجارة ، لم يسمع دعواه بمجردها إلّا بقرينة شاهدة عليه ، مثله ما إذا قال : بعتك هذا بدرهم على أن تكريني دابّتك هذه يوما ، فظهرت الدابّة مستحقّة للغير ، فمقتضاه نقل الملك منضمّا مع الإكراء ، فيبطل باستحقاق الدابّة للغير ، فلو ادّعى قصده إطلاق البيع لم يسمع ، وإن احتمل صدقه إلّا إذا فرض تساوي الاحتمالين بحسب الدلالة ، والقول بعدم سماع دعواه مع فرض التساوي ـ أيضا ـ مدفوع بما ذكرناه.
واذا عرفت هذا ، فلنرجع إلى المقصود ، أعني بطلان العقد بفساد الشرط ، ونقول : قد عرفت أنّ الشرط المأخوذ في ضمن العقد جزء له ، والعقد هو المركّب منه ، وعرفت أنّ اللفظ يحمل على مدلوله ، وكونه مقصود اللافظ ، فهذا التركيب ظاهر في قصد إنشاء الأثر ، مقيّدا بالالتزام بالشرط ، فالالتزام جزء الأثر المقصود بالإنشاء في هذا التركيب ، فإذا ظهر فساد الجزء فسد الكلّ ، لتعلّق القصد على وجه الجزئية ، فلم يبق الباقي مقصودا بالانفراد ، فلا يترتّب على العقد التركيبي أثر شرعيّ ، بل على ما سمعت ، من لزوم تطابق المدلول للقصد لو قصد الصحيح منفردا من مثل هذا التركيب ، لقلنا بفساده أيضا (١).
فإن قلت : ذكرت في بعض ما تقدم عدم فساد العقد بفساد بعض العوض ، بل لعلّه المتّفق عليه في البيع ، مع أنّ متعلّق القصد فيه المركّب أيضا.
قلت : ما ذكرنا ثمة ، لا تتأتّى في الشرط ، لأنّ وجهه فيما مرّ أنّ دلالة لفظ العقد
__________________
(١) عبارات هذا المشرق مختلفة في النسختين في بعض المواضع وما أثبتناه في المتن موافق لنسخة « س ».