على الأبعاض ـ وإن كانت تبعية ارتباطية ـ إلّا أنّها لا يستلزم التبعية في الحكم المدلول بها ، كما في قولنا : أكرم عشرة ، فإنّ دلالة العشرة على الوحدات بالتبعية التضمّنية ، ولا هكذا تعلّق وجوب الإكرام بها ، بل كلّ واحد منها مقصود بإنشاء الحكم عليه منفردا مستقلا ، ولذا لا ينتفي حكم الكلّ بانتفاء البعض ، وهو من قبيل قول الآمر : اكنس الدار ، وهي موضوعة للماهية المركبة من البيوت ، فلا يسقط الحكم عن بعضها بانهدام بعض ، إلّا مع قرينة ظاهرة.
وكون المراضاة على الكلّ ـ لو سلّم ـ لا يستلزم قصد الجزئية في إنشاء نفس النقل والانتقال ـ مثلا ـ في مثل البيع والصلح ونحوهما ، غاية الأمر حصول المقصود بوقوع الخيار عند ظهور التبعض ، لا بطلان العقد ، وكيف كان ، فلا يبطل البيع ـ مثلا ـ بالنسبة إلى الجزء الصحيح بما يقابله من العوض.
وأمّا الشرط ، فإنّ الإلزام بما اشترط ليس مقصودا بالانفراد قطعا ، وليس (١) في مقابله للمشروط عليه عوض ، فكيف يلتزم به مجانا ، وبالجملة ظاهر اللفظ كون المعاوضة مقيدة ومرتبطة بالإلزام بالشرط فينتفي بانتفاء القيد ، ولو قصد منه إنشاء النقل لا على وجه التقييد ، فهو خروج عن مقتضى اللفظ. وبه يحصل إشكال آخر في صحة العقد.
فالفرق بين جزء العوض والشرط كالفرق بين قولنا : أكرم زيدا وعمروا ، وقولنا أكرم زيدا بشرط أن يكون معه عمرو ، فإنّه لا ينتفي حكم إكرام زيد بفقدان عمرو في الأوّل ، بخلافه في الثاني.
واتضح مما ذكرناه فساد الاحتجاج للقول الأوّل ، بأنّ كلّ واحد من العقد والشرط مستقلّ في إفادة معناه.
__________________
(١) في نسخة : كيف وليس ..