فإن قلت : في الأخبار الكثيرة تجويز أخذ جوائز السلطان ومظالمه مستوعبة لما له عادة ، ولا أقلّ من شموله له ، وكذا دلّت عليه السيرة المستمرّة المعلومة في قبول الناس جوائز السلاطين والحكام وأضرابهم من غير نكير ، وبهما يخصّص عموم نفي الضرر ، لكونهما أخصّ منه مطلقا.
قلت : أوّلا ، تلك الأخبار منساقة لبيان حلّية أموالهم وجوائزهم باعتبار الشبهة في أعيانها ، ولا دخل له بمحلّ الفرض الذي يرتفع المانع عنه بالتزام العوض ، وثانيا أنّ موارد تلك الأخبار والسيرة من القسم الثاني الذي نذكر حلّيته.
وعلى الثاني : فمقتضى النظر حلّيته له بإباحة المالك ، وله إتلافه حيث يشاء ، أمّا مع عدم علمه بعدم تمكن المالك فظاهر ، واحتماله غير كاف ، إذ غايته احتمال الضرر وهو غير منفيّ ، وأمّا مع عدم احتماله صرف المالك إيّاه في الدين ولا تمكن صاحب الدين عن أخذه ، فلعدم استناد الضرر ـ حينئذ ـ إليه بل إلى المالك ، فلا يتوجّه إليه النهي ، وغالب موارد الفرض سيما بالنسبة إلى أرباب المظالم من هذا القسم.
ولا يتوهّم حرمة الإتلاف من جهة كونه تفويتا للواجب أو عدم تأثير إباحة المالك في الحلّ ، لعدم جواز تسليطه الغير عليه وترخيصه كما مرّ ، لاندفاع الأوّل بعدم دليل على حرمة تفويت الواجب عن الغير ، بل عليه وزره إن كان بتقصيره ، كما في الفرض ، والثاني بأنّ الموجب للحلّية في المقام رضي المالك وإذنه في التصرف المتلف ، نظرا الى كونه صاحب المال وعدم حقّ للدائن فيه بعد لا جواز إباحته وترخيصه ، ولا ملازمة بينهما ، كما في من شرط على نفسه بنذر وشبهه أن لا يأذن زيدا في أكل طعامه فأذنه ، فإنّه يعصى بالإذن دون المأذون فيه في الأكل.
وأمّا الثالث : فلم أر من تعرّض لبيانه وتحقيقه عدا والدي العلّامة في بعض