الأمر النهي عنه ، ـ على ما هو المختار المشهور ـ غير نافع ، لاندفاعه باختصاص ذلك بما إذا لم يكن الضدّ الخاصّ رافعا للتمكّن من فعل المأمور به ثانيا مع بقاء وجوبه ، وإلّا ـ كما في محلّ الفرض ـ فمقتضى التحقيق حرمته ، كما بيّناه في الأصول ، ولا يعارضه عموم الناس ، لأنّ حرمته عقلية لا ينفكّ عن وجوب أداء الدين ، فلا ينتفي إلّا بانتفائه الباطل بالإجماع القطعي ، فلا يخصّص به ، ومع ذلك فالعموم المذكور ظاهر في الجواز الذاتيّ الأصليّ ، وهو لا ينافي الحرمة العرضية المسببة عن سبب متجدّد ، كما في نظائر المقام مما لا يحصى ، ويأتي بيانه فيما سيأتي.
وأمّا الثاني : فتفصيله أنّ من أباح له المالك ، إمّا يعلم عدم تمكّن المالك عن أداء الدين من غير هذا المال ، ومع هذا يحتمل صرفه فيه إن لم يقبل منه ، أو أخذ الدائن عنه جبرا أو تقاصّا ، أو لا يعلم ذلك ، وإن علم لا يحتمل صرفه في الدين أو اقتدار صاحب الدين عن استيفائه منه.
فعلى الأوّل : فالظاهر أنّه لا يحلّ له قبوله وإتلافه من غير التزام عوضه للدائن ، لا لما استدللنا به على المنع على المالك ، لعدم وجوب ذي المقدّمة على غيره حتى يحرم عليه ضدّ مقدّمته ، بل لصدق كونه مضارا على الدائن ـ حينئذ ـ بإتلاف ما ينحصر أخذ حقّه فيه ، وتفويت تمكّنه من وصول الحقّ ، وتمكّن المالك عن إيصاله ، وشهادة العرف بكون ذلك ضرر الدائن ، والضرر منفيّ ومحرّم بعموم أدلّته.
نعم ، لو عصى ـ حينئذ ـ وأتلف بإذن المالك فمقتضى النظر عدم ضمانه ، لعدم اقتضائه نفي الضرر ، كما يأتي تفصيله في قاعدة نفي الضرر ، ولأنّ قاعدة الإتلاف بعدم الضمان مع إذن المالك ، وإن كان التصرف محرّما ، كما في أكل طعامه بإذنه في نهار رمضان.