التي يتعاقدها الناس بينهم ، أي عقود المعاملات في القول الثالث ليس كلّما يعقده المرء ولو اختراعا منه ، بل العقود المجوّزة الموظّفة في الشرع مثل البيع والنكاح واليمين والنذر ، كما استشعره والدي العلّامة من كلامه (١) ، إذ ليس ما يخترعه المرء داخلا في القول الثاني الذي قوّاه وجعله جامع الأقوال أعني عقود الله التي أوجبها على العباد ، ولا ينافيه استثناؤه المعاملات المحظورة عنه لأنّه استثناء ما فيه المنع للمعاونة على أمر قبيح من المعاملات الشرعيّة الموظفة كالبيع للظلمة وبيع الخمر وآلات اللهو والنذر في المعاصي ونحوها ، فالعقود المخترعة الغير الموظفة بخصوصها خارجة عن تلك الأقوال.
نعم ، لو أريد من العقود العموم أي مطلق العهود الموثقة أو مطلق عهود المعاملات خاصّة كانت الغير الموظفة داخلة فيها. والإيراد عليه (٢) باتفاقهم على اشتراط الاستيثاق والشدّة في معنى العقد ولا يثبت ذلك إلّا بعد ثبوت اللزوم الشرعي ، إذ مجرّد بناء المتعاقدين ليس إلّا نفس العهد ، والتوثيق محتاج إلى موجب ، وليس في أمثال المقام إلّا إلزام الشرع ، فلا يكون المعاملات الغير الموظفة داخلا في العموم.
ويمكن المناقشة فيه بأنّ مجرد بناء المتعاقدين وإن لم يكف في صدق التوثيق بل هو نفس العهد ، إلّا أنّ تسجيله بما تداول بينهم وتصافقا به عليه من لفظ أو فعل لتوثيق العهد وأحكامه عند قصدهم به تأكيدا للعهد وتقرّره كاف في صدق التوثيق العرفي. وبالجملة مفاد هذا القول الذي اختاره الطبرسي هو الذي ذكره سائر من ذكر من المفسّرين.
__________________
(١) مستند الشيعة ١ : ٢٨٢.
(٢) كذا ، والظاهر هكذا : ويمكن الإيراد عليه.