إمّا يعلم أو يغلب على ظنّه ضرر الغير بفعله ، أو يعلم عدمه ، أو لا يعلم شيئا منهما.
فإن علم ، فهو إضرار محرّم عليه ، كما علمت ، سواء كان بالمباشرة أو بتوليد الفعل بالتسبيب ، بإيجاد ما يوجد معه عليه الضرر عادة ، ومضمون عليه ، لو لا يعارضه مباشر أقوى ، لأنّ بقاء الضرر ـ كحصوله ـ أثر فعل المضارّ أيضا ، ويدفعه بذل العوض ، فتجويز الشارع عدم رفعه به حكم ضرريّ على المتضرّر ، ينفيه القاعدة ، كما هو المتفاهم منها عرفا.
وأما إلزام المضارّ برفعه ، وإن كان ضررا عليه أيضا ، إلّا أنّه من أثر فعل نفسه عالما به ، وقد [ لا ] يقتضي القاعدة نفيه ، من قبيل الدية على الجاني ، ولزوم البيع على المغبون العالم ، مضافا إلى صحيحة الكناني ، وما في معناها ، المصرّحة بضمان المضارّ بطريق المسلمين ، الشامل بعمومها بالإضرار الواقع منه بالطريق ، من غير تصرّف له فيه ، المتعدي إلى غير الطريق ، بعدم القائل بالفصل.
وإن لم يحتمل الضرر ، فعدم حرمة الفعل من جهة الضرر ـ حينئذ ـ ظاهر.
فإن كان محرّما من جهة أخرى ، ككونه تصرّفا في ملك الغير ، فلا يبعد الضمان للمتضرّر أيضا ، لوقوع الضرر بعصيانه وتقصيره في مخالفة النهي ، وإن لم يكن جهة النهي علمه بالضرر ، لعدم الفرق بذلك بينهما في نسبة الضرر إلى تقصيره ، وعدم اغتفاره في الحكم الضرريّ.
وإن لم يكن محرّما ، فمقتضى قاعدة نفي الضرر ـ مضافا إلى الأصل ـ عدم ضمانه ، لكونه معذورا في الحكم التكليفيّ بالجهل المقتضي للجواز ، وفي الوضعيّ بعدم التقصير ، فإثبات الضمان عليه حكم ضرريّ منفيّ بالقاعدة ، إلّا إذا خرج بدليل ، كما في تلف النفس ، وتضرّر المتضرّر ، حيث لم يكن بحكم شرعيّ ، ولا بتقصير مضارّ لا يلزم على الشارع رفعه ، كما تكرّر ذكره. ولا يقتضيه عموم : « من